الام والبنت في قبضة رجال الهيئة
حيث كان الموعد ، عشت فيها لحظات من الترقب ، الخوف ، القلق، مكثت في
غرفتي اراقب امي التي تستعد للخروج وهي تضع اللمسات الاخيرة على وجهها …
هاهي تقف امام المراة تتفقد شعرها ، تتاكد من فستانها ، تبدوا هذه الليلة اجمل
من كل ليلة ، اختارت حقيبتها ، وضعت عباءتها على كتفها ، انها تناديني ،
اسرعت نحوها ، حاولت ان ابدوا طبيعية ، لم تتاملني كثيرا
كانت تنظر الى ساعتها وهي تتحدث معي …
قالت : ابوك لن يعود هذه الليلة …
طرت من الفرحة ، اسرعت لكي اضمها واقبلها ، نهرتني ، ابتعدي عني لقد تعبت
في عمل كل هذا ، تاسفت لها …
فرحتي لم تثر فضولها ، فقد كانت مستعجلة جدا ، وكنت اكثر استعجالا منها …
اغلقت الباب وراءها وهي تقول : اخوك سيعود بعد قليل ، مسكينة امي اخي ذهب
في رحلة مع اصدقائه ولن يعود الليلة …
اسرعت نحو غرفة امي ، بدات اقلدها في كل شيء ، نظرت الى المراة ،
صففت شعري ، ولبست فستانا جميلا ، اخترت حقيبة جذابة ، وخرجت من البيت …
وهناك على شاطئ البحر جمعتنا لحظات من اللهو والغفلة ، نخوض في المعاصي ، نمارس
الحب الزائف
يصفني بالادب والحياء فاغمض عيني وارخي راسي الى الارض ، يا له من كاذب فلو
كان صادقا ما خرجت معه ، ثم يصف جمالي ورقتي ، اقترب مني اكثر مد
يده لتلامس يدي ، شعرت بقشعريرة سرت في جسدي ، حاولت ابعاد يده ، امسكها
بقوة …
صوت قادم من ورائي ، ، انتصب واقفا ، تصبب العرق منه
رفعت راسي نحوه ، تحولت تلك النظرات الناعسة والعيون الذابلة الى عيون خائفة ، شعرت
بالخوف الشديد
همس لي لقد وقعنا انها الهيئة …
تعثرت الكلمات في فمي ، اسقط في يدي ، استسلمت للامر الواقع …
ركبت في سيارة وبها مجموعة من النسوة ، شعرت حينها بانني مجرمة خطيرة ، مجرمة
في حق نفسي ، في حق امي وابي ، في حق اسرتي ، تصورت والدي
قد اسود وجهه ، وامي تبكي بلوعة وحسرة ، شعرت باخي قد نكس راسه بين
شباب الحي ، سمعت حينها همسات الجيران النساء والرجال وحتى الاطفال : "لقد امسكت بها
الهيئة مع عشيقها على البحر" ، "انها حامل واسقطت الجنين" ، "لم يحسنوا تربيتها" …
رايت زنزانة كئيبة اقبع خلفها وقد حكم علي بالسجن …
تذكرت حينها غضب الله وسخطه ، تذكرت نار جهنم …
جرت الدموع على خدي ، بكيت بحرقة …
صرخات في داخلي تتوالى تزيد من المي وحزني : ابي ، امي ، اخي انتم
السبب ، اين انتم عني
لماذا تركتموني للذئاب ؟ …
ياليتني مت قبل هذا …
اظلمت الدنيا في عيني ، فلم ار شيئا ، الوقت يمضي بسرعة كبيرة ، تمنيت
حينها لو ان الزمن يتوقف ، اغمضت عيني وفتحتها ، ثم اغمضتها وفتحتها ، وفي
كل مرة اجد نفسي امام الحقيقة المرة ، لقد تم القبض علي مع رجل اجنبي
، وهذا يعني السجن ، عاودت البكاء من جديد ….
وصلت السيارة الى مقر الهيئة ، نزل الجميع ، يمشين وكانهن يسقن الى الموت
فتح الشرطي الباب ، وليته لم يفتحه ، وقفت ولم اتحرك ، صرخ بي ادخلي
، ود حينها ان يقول لي ايتها الفاجرة لكنه امسك بها ، وربما نطق بها
قلبه ، انخرطت في بكاء رهيب كدت ان اسقط ، رحمني قليلا ، اقبل مجموعة
من النسوة ، امسكن بيدي وادخلني الى الغرفة ، رحن يصبرنني ، وكلما رفعت راسي
وتاملت النساء عاودتني نوبة البكاء مرة اخرى ، اشفق النساء لحالي ، ورحن يذكرنني بان
الله غفور رحيم ، وان كل البشر يخطئون ويتوبون ولكن بكائي يزداد مع الوقت ،
همت واحدة منهن ان تكشف غطاء وجهي الذي التصق به من كثرة الدموع ، امسكت
به بقوة ، قالت : ارتاحي يا ابنتي ، لا يوجد رجال هنا ، رفضت
فانصاعت لرغبتي وعادت الى مكانها ….
بدا النساء يكتبن ارقام الهواتف لاستدعاء اولياء امورهن …
طرقت على الباب ، فجاء الشرطي ، طلبت منه الالتقاء بالشيخ
ذهب قليلا ثم عاد وفتح الباب ، سار وسرت وراءه ، جلست في الغرفة انتظر
، جاء الشيخ شعرت بالخوف ، اصابتني نوبة بكاء رهيبة …
قال الشيخ : هوني عليك يا ابنتي ، ماذا حدث لك ؟
ابنتي ! انا الشيخ يناديني : يا ابنتي .. وانا …
انطلق حينها لساني وقلت : يا شيخ انا داخلة على الله ثم عليك ، استر
علي …
تعجب الشيخ مني وقال : ما الذي حدث ؟
استعجم لساني ولم استطع ان انطق ، شعرت بغصة في حلقي
وبكل صعوبة نطقت : امي في الغرفة معي ياشيخ …
تغير وجهه وبدا عليه الحزن ، اطرق براسه نحو الارض ، ثم قام يمشي في
الغرفة …
سمعته يقول : انا لله وانا اليه راجعون ، الام وابنتها ، اين الاب ،
اين الاخ ، لاحول ولاقوة الا بالله
على من نتصل على الاب او على الاخ ، لا حول ولا قوة الا بالله
…
حاولت الوقوف لكن قدماي لم تستطيعا حملي ، رحت اتوسل اليه بكلمات متقطعة ، انا
نادمة على ما حدث ، ارجوك لا تفضحني وامي ، الفضيحة تعني دمار اسرة ،
وضياع الام والابن وانا ، كل شيء سيدمر ، ارجوك ياشيخ …
سكت لحظة ثم خرج ، وعدت انا الى البكاء …
وبعد لحظات دخلت امي ، القيت بنفسي بين احضانها ، بكينا سويا
رفعت راسي نحوها : امي اقتليني يا امي انا استحق ذلك ، واخفيت راسي في
صدرها …
قالت : بل انا التي استحق القتل ، سامحيني يا ابنتي لقد اطعت الشيطان وسرت
مع شهوات نفسي
وتركتك للفراغ الذي قادك الى هنا حيث الفضيحة والعار ، يالله ، انها مصيبة لن
يتحملها ابوك ، يا الهي لقد خسرت كل شيء ، كل شيء …
ثم شهقت شهقة ظننت ان روحها ستخرج معها ، هوى جسدها نحو الارض ، اسندتها
بيدي ، وصرخت امي لاتموتي يا امي ، احتاج اليك يا امي ، اجلستها على
الكرسي ، انهمرت الدموع مني بغزارة ، لحظات لم اعد ارى شيء ، بعدها شعرت
، بيدها تربت على راسي ، رفعت راسي نحوها ، كانت ترمقني بعينين حزينتين ،
ظلت صامتة …
طرق الشيخ على الباب ثم دخل ، وبهدوء جلس يعظنا ويخوفنا بالله عز وجل ،
اوصى امي بالعناية ببيتها وزوجها وابنائها …
اوصاني بطاعة امي وتقديرها ، وان الذنب الذي وقعت فيه لا يعني عدم طاعتها واحترامها
، وان المؤمنة تخطئ فاذا تابت قبل الله توبتها …
الحمدلله ان الجرة لم تكسر ، وليس كل مرة تسلم الجرة …
سالني هل يرضى ذلك الشاب لاخته ان تخرج مع شاب اجنبي عنها ؟
وهل يرضى شاب بان يتزوج من فتاة تخرج معه ؟
شعرت بكلمة : لا .. تنبعث من قلبي ، وشعرت بصدق الشيخ وحكمته …
هدات نفسي ، شعرت بعدها بالندم على تفريطي ، وحمدت الله ان الهيئة قبضت علي
قبل ان تكسر الجرة ، وافقد عفتي مع ذلك الشاب المخادع …
عدنا الى البيت بقلوب منكسرة ، لجات امي الى الصلاة ، قامت تبكي وتصلي ،
وبين لحظة واخرى ، تحضنني وتقبلني ، لقد شعرت بحنانها وحبها ، شعرت بشفقتها ورقتها
، شعرت بان لي ام ولاول مرة منذ زمن بعيد …
تغيرت امي كثيرا وتغيرت انا ، حتى والدي تغير ولم يعد يخرج من البيت كثيرا
اخي ايضا تغير ، عاد الحب الى البيت و عادت الالفة والمودة بيننا جميعا …
وظلت كلمات الشيخ : الحمدلله ان الجرة هذه المرة لم تكسر ، وليس كل مرة
تسلم الجرة ارددها مع نفسي واحيانا اشدو بها …
وها انا ذا مع زوجي في مملكتي الصغيرة مع ابنتي التي اتمنى ان ارعاها واحافظ
عليها
ولن انسى ما حييت ان اعلمها ان تدعو في كل صلاة للشيخ
الذي انقذ حياة امها من الغرق في البحر ، في ليلة خميس …
منقول
*** دمتم بخير ***
- ام وبنتها في قبضة الهيئه