رواية عبد الكريم برشيد ابن الرومي في مدن الصفيح
رواية عبد الكريم برشيد ابن الرومي في مدن الصفيح
ابن الرومي في مدن الصفيح
من محمد لمين بونعاج الى جميع التلاميذ الصحراويين
ابن الرومي في مدن الصفيح
1943 : حياته :ولد عبد الكريم برشيد بمدينة بركان سنة
مسرحية «ابن الرومي في مدن الصفيح»
م. اتم دراسته الثانوية والجامعية بمدينة فاس حتى حصوله على الاجازة في الادب العربي ببحث
يهتم بتاصيل المسرح العربي. وفي عام 1971م، اسس فرقة مسرحية في مدينة الخميسات لاقت عروضها
الاحتفالية صدى طيبا لدى وسط الجمهور المغربي والعربي ايضا.وقد حصل على دبلوم في الاخراج المسرحي
من اكاديمية مونبولي بفرنسا. ودرس بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط. وفي 2003م، حصل
على الدكتوراه في المسرح من جامعة المولى اسماعيل بمكناس. كما تولى مناصب هامة وسامية مثل
مندوب جهوي واقليمي سابق لوزارة الشوون الثقافية ومستشار سابق لوزارة الشوون الثقافية و امين عام
لنقابة الادباء والباحثين المغاربة وعضو موسس لنقابة المسرحيين المغاربة. وقد كتب عبد الكريم برشيد الرواية
والشعر والمسرحية والنقد والتنظير. وساهم في بلورة نظرية مسرحية في الوطن العربي تسمى بالنظرية الاحتفالية.
2. مسرحية “ابن الرومي في مدن الصفيح” تطبيقا:
يحمل عنوان المسرحية” ابن الرومي في مدن الصفيح” مفارقة رمزية ودلالية بين شاعر عربي عاش
في العصر العباسي حياة شعبية قوامها: الفقر والانكماش والخوف والتكسب ومكان معاصر هو المدينة باحيائها
القصديرية الصفيحية التي تشخص التفاوت الطبقي والصراع الاجتماعي وافتقار الناس البسطاء الى ابسط حقوق الانسان.
اي ان العنوان يحيل على جدلية الازمنة: الماضي والحاضر وتداخلهما. ومن خلاله، يتبين لنا ان
الكاتب يعصرن التراث ويحاول خلقه من جديد عن طريق محاورته ونقده والتفاعل معه تناصا ومتناصا.
ويعني هذا، ان عبد الكريم برشيد يشتغل كثيرا على التراث حتى اصبح نموذجا يقتدى من
قبل المسرحيين الهواة وحتى من قبل رواد المسرح الاحتفالي مثل: الطيب الصديقي، وابراهيم العلج وعبد
الله شقرون… وهذه العناوين المدهشة الغريبة التي يتداخل فيها الماضي والحاضر او التراث وحضور المكان
(المدينة المعاصرة) موجودة عند برشيد بكثرة مثل: امرو القيس في باريس، عنترة في المرايا المكسرة،
النمرود في هوليود…
الاحداث: وتحتوي مسرحية ” ابن الرومي في مدن الصفيح” سبع عشرة لوحة احتفالية تجسد عالمين:
عالم الخيال وعالم الواقع.
يدخل ابن دنيال صاحب خيال الظل بعربته الفنية ليقدم فرجته للجمهور مع ابنته دنيازاد التي
تذكرنا باسماء شخوص الف ليلة وليلة.لكن المسئول عن الستارة يرفض السماح له بالدخول مادام العرض
المسرحي لم يبدا؛ لكنه سيتعرف عليه بعد ان يكتشف انه من كبار المخايلين المتخصصين في
خيال الظل, وقد اتى الى الركح من اوراق التراث الصفراء ليظهر ما لديه من الحكايات
والمرايا بدلا من هذه المناظر والمشاهد التي يسعى اصحابها الى بنائها جاهدين وفيها يفصلون الاغنياء
عن الفقراء بينما المسرح حفل واحتفال ومشاركة جماعية:
عامل الستار: سارفع الستار ولكن ليس الان. عمال المناظر لم يكملوا البناء بعد.
ابن دنيال: عمال البناء؟…لكن، اي شيء يبنون الان؟ اريد ان اعرف ذلك….
عامل الستار: لن ترى جديدا….
ابن دنيال: ماذا اسمع؟
عامل الستار…فمنذ كان المسرح والمناظر محصورة في شيئين. القصور للاغنياء…
ابن دانيال:..والاكواخ للفقراء…
(تسمع الدقات التقليدية الثلاث، ينسحب عامل الستار) 11.
ويعرف ابن دنيال بنفسه وابنته ويقدمان نفسهما للجمهور كراويين سيقدمان له مجموعة من شخصيات خيال
الظل قصد تسليته وافادته، وان ابن دنيال المخايل نزل من التاريخ المنسي الى هامش الحاضر
ليزرع بشارته وامله في المستقبل:
ابن دنيال: احبتي. اتيتكم من بين الصفحات الصفر الباليات.
من الزمن المعلب النائم فوق الرفوف.
كنت حرفا تائها. معلقا منشورا
فوق حبل الزمن
فجئتكم، كدفقة نور كموجة صوت
كليل يمطر اقمارا ونجوما ساطعات
كنت عمرا فقيرا، بذر في غيبة السمار زيته
فجئته الان من قلب غمامة
احمل حفنة زيت وفي القلب شرارة…” 12.
وبعد ذلك، يتحلق الاطفال حول عربة خيال الظل التي تنعكس في ستارتها الظلال والاضواء لتنسج
انفاسا احتفالية من الخيال والواقع، ولتعبربحكاياها عن فئات مجتمع المدائن والاقطار قريبة كانت او بعيدة
بكل تناقضاتها الحياتية.
وينتقل الكاتب من الخيال ومن لعبة خيال الظل الى الواقع، واقع المدينة القصديرية ذات الاحياء
الصفيحية حيث نلتقي بسكانها ولاسيما حمدان ورضوان وسعدان، هذه الطبقة الشعبية التي انهكتها الظروف المزرية
كالفقر والداء والبطالة وضغوطات الواقع التي لا تتوقف. يقصد المقدم هذه الفئة ليخبرها بضرورة الرحيل
لتحويل هذا الحي الذي لا يناسبهم الى فنادق سياحية جميلة تجذب السواح وتدر العملة الصعبة
على البلد ريثما سيجد لهم المجلس البلدي مكانا لايوائهم في احسن الظروف. لكن اهل الحي
رفضوا هذا المقترح وقرروا ان يكون موعد الرحيل من اختيارهم انفسهم بدلا من ان يفرض
عليهم من فوق وهو لا يخدمهم لا من قريب ولا من بعيد.وتدل الاسماء العلمية التي
يحملها الثلاثة على السخرية والتهكم والمفارقة اذ يدل حمدان على الحمد وسعدان على السعادة و
رضوان على الرضى على غرار عنوان المسرحية الذي يثير الحيرة والاستغراب المفارق.
ويحاول ابن دنيال ان يستقطب اهل الحي واطفاله الصغار لكي يقدم لهم فرجة تنعكس على
خيال الظل بعوالمه الفنطاستيكية وشخصياته التاريخية والاسطورية؛ لكن هذه الحكايات والقصص لم تعد تثير فضول
السامعين وتشد انتباههم. لانها حسب دنيازاد بعيدة عن واقعهم الذي يعيشون فيه. لذلك اختارت دنيازاد
ان يكون الموضوع قريبا من حقيقة المشاهدين يمس مشاكلهم ويعالج قضاياهم ويطرح همومهم، اي يكون
المعطى الفني شعبيا. وهذا ما قرر ابن دنيال ان يفعله، ان يحكي لهمقصةالشاعر ابن الرومي في مدينة بغداد التي قد تكون قناعا لكل المدن المعاصرة كما يكون
ابن الرومي الشاعر المثقف قناعا لكل المثقفين المعاصرين.
” ابن دنيال:ابن الرومي الذي رسمته وقصصته بيدي ليس وليد بغداد التي تعرفون… شاعر الليلة
يا سادتي قد يكون من باريز، من روما، من البيضاء، او من وهران. قد يكون
علي بن العباس او قد يكون الشاعر لوركا. قد يكون المجذوب او بابلونيرودا. قد يكون
من حيكم هذا. قد يكون انت او انت او انت، من يدري؟ قد يكون وقد
يكون… سادتي… نرحل الان الى بغداد- الرمز.” 13
وبعد ذلك، ينقلنا ابن دنيال عبر صور خيال الظل وظلاله الى بغداد المعاصرة باكواخها الفقيرة
واحيائها القصديرية ومنازلها الصفيحية لنجد ابن الرومي منغلقا على نفسه منطويا على ذاته لا يريد
ان يفتح بابه على العالم الخارجي ليرى الواقع على حقيقته: ” هل افتح الباب او
لا افتحه؟ هل افتحه؟
يومك يا ابن الرومي لغز محير، واحلامك يا ضيعتي رموز غامضة… احيا بين رمز ولغز.”
14
ويزداد ابن الرومي الشاعر المنكمش الخائف على نفسه من العالم الخارجي تشاوما وتطيرا من الوجوه
التي كان يجاورها في حيه الشعبي المتواضع: اشعب المغفل الذي يتهمه ابن الرومي بالغيبة والنميمة
ونقل الاخبار بين الناس والتطفل عليهم وجحظة الحلاق الذي كان يزعجه باغانيه المستهجنة ودعبل الاحدب
بائع العطور والمناديل الذي يعتبره وجه النحس والشقاء وعيسى البخيل الاسكافي العجوز الذي كان يعتبره
رمزا للشح والتقتير.كل هذه الوجوه الشقية المنحوسة كان يتهرب منها الشاعر العالم، ويكره العالم لانه
لم يجد الا بيتا يطل على البوساء والاشقياء والمعوقين والفقراء التعسين.لذا، اغلق بابه على هولاء
الناس ولم يتركه مفتوحا الا للذين يغدقون عليه بالنعم والفضائل من امثال الممدوحين والاغنياء ورجال
السلطة والاعيان خاصة رئيس المجلس البلدي. ويقصد الشاعر بيت عمته الرباب باحثا عن جارية حسناء
ترافقه في دهاليز الحياة وتسليه في دروبها المظلمة الدكناء. ولم يجد سوى عريب الشاعرة الجميلة
التي دفع فيها كل ما اكتسبه من شعره ومدحه قصد الظفر بها عشيقة وانيسة تشاركه
سواد الليالي ووحدته المملة القاتلة في كوخه الذي لا يسعد اي انسان ولاسيما انه يجاور
دكاكين الجيران المنحوسين الاشرار. مما جعله يعاني من عقدة التطير والانطواء على الذات والهروب من
بغداد المدينة وعالمها الخارجي ليعيش حياته في احضان عريب سلطانة الحسن والدلال بكل حواسه:” وبعد
هذا يا ضيوف المخايل وعشاق الخيال…
سار الشاعر الحزين وعريب خلفه… سارا الى حيث لا نور، لامسك، لا ريحان، ولا وسائد،
سارا الى اكواخ الخشب والقصدير، الى حيث النور شموع والفرش حصير.
وصل الشاعر، اغلق خلفه كل ثقب وباب، واقام ازمانا في حضرة الجارية قيام اهل النسك
في المحراب” 15.
وسيتحول ابن الرومي من شاعر مثقف الى شاعر انتهازي متكسب لا يهمه سوى الحصول على
الاعطيات والمنح من رجال الجاه والسيادة والسلطة حيث سيشتري رئيس المجلس البلدي ذمته بكتابة قصيدة
شعرية يصور فيها بوس الحي الصفيحي الذي يعيش فيه مع اولائك المنحوسين الاشقياء قصد طردهم
من هذا الحي وهدم اكواخه التي يتعشش فيها الفقر والداء والبوس والنحس قصد بناء فنادق
سياحية تجلب العملة الصعبة لحكام بغداد الاثرياء واعوانهم:
“الخادم يا زمان:.. المهم يا ابن الرومي ان المجلس البلدي قد اتخذ قرارا بهدم هذا
الحي… لا تنزعج على بيتك، سيكون لك ماهو احسن، نعم، لقد فكروا فيك جيدا. ستتحول
هذه الاكواخ الحقيرة الى مركب سياحي ضخم ياتيه السواح الاغنياء من نيسابور وجرجان وفاس وصقلية.
ستمطره الوان من العملة الاتية من اركاديا وفينيقيا وقرطاج، هل تعلم؟ ان المجلس البلدي لا
يطلب منك شيئا كثيرا. نعم، لاشيء غير ابيات من الشعر. ابيات تصور الحي الحقير واهله.
انت تومن بالشوم، اليس كذلك؟ تومن بان متاعبك اتية من هذه الاكواخ الوسخة. من دعبل
الاحدب، من جحظة المغني، من عيسى البخيل، من اشعب المغفل، من كل الصعاليك والمشردين، هذه
فرصتك يا ابن الرومي للتخلص- والى الابد- من شوم هذا الحي ونحسه..” 16.
ويستمر ابن الرومي في تطيره ونحسه حيث لا يفتح الباب مطلقا ليعرف ماذا وراء عالمه
الداخلي المقفل؛ بل كان يطل على الواقع الموضوعي من ثقب صغير في الباب، وكان لا
يرى من بغداد سوى جيرانه الاشقياء التعساء فيزداد تشاوما الى تشاوم، فتسود الحياة في وجهه
لولا الحب الذي تغدقه عليه جاريته الحسناء والاحلام اللذيذة التي تسعده في منامه ويقظته:
“اشعب المغفل: ولم لا؟ لقد قلتها دائما وما صدقتم. الشاعر اقدامه في التراب مثلنا ولكن
راسه في السحاب.
دعبل الاحدب: من اجل هذا اذن، اقفل الباب خلفه.
جحظة المعني: الملعون، وانا من تصورته كل صباح ينهض من فراشه، يلبس اثوابه ثم يطل
على بغداد من ثقب المفتاح.
عيسى البخيل: ومن الثقب ياجحظة ماذا يرى الشاعر؟
عيسى البخيل:ماذا يمكن ان يرى غير دعبل الاحدب القاعد صباح مساء بلا بيع ولا شراء؟
دعبل الاحدب: اما انا فقد تصورته يا رفقتي يقوم كل صبح وفي عينيه حلم اخضر.
يترك الوسادة وعلى شفاهه بقايا ابتسام الاحلام. يقوم الشاعر وفي قلبه شوق الى بغداد فيكون
اول شيء يسمعه هو صوت جحظة، فيعود المسكين الى فراشه، يخلع ملابسه وفي قلبه خوف
من يوم نحس… اعوذ بالله من يوم غرته صوت جحظة. ثم يتلو القران ويعلق التمائم
ويقرا اللطيف… يا لطيف..يا لطيف، يا لطيف، يا لطيف…” 17.
وينتقل ابن الرومي كما قدمه الراوي من شاعر متشائم متكسب الى شاعر حالم مستلب ومغترب
عن واقعه الخارجي، يعيش الخيال في واقعه يركب السحاب وهو معلق بالتراب الارضي وكوخه الحقير
يتافف من جيرانه الذين يحبونه ويشعرون به ايما شعور واحساس:
” عدتم من جديد، انتم عذابي الذي يمشي وينطق، متى تفهمون ان حضوركم يسرق النور
من ايامي؟ اجيبوني! اليس من حقي ان احيا ككل الناس؟ ماذا اذنبت في حق السماء؟
ماذا اذنبت في حقكم؟ اغربوا عن وجهي واتركوني اجتر عذابي… اليكم عني.. ابتعدوا عن بابي
واعتابي، لقد لوثتم الضياء والهواء… اتركوني، اتركوني.” 18
3iny3ink/forum
hooriatenglishfortop
وسيتصالح ابن الرومي مع جيرانه الذين قرروا الارتحال بعيدين عنه حتى يكون سعيدا في حياته
ماداموا قد اصبحوا في رايه رموز الشر والنحس والتطير والتشاوم. لكن ابن الرومي سيتعلم درسا
مفيدا من عريب- صارت حرة بعد انعتاقها من الرق وعبودية العقود المزيفة- التي اختارت ان
تعيش معه بشرط ان يفتح بابه للاخرين وجيرانه الذين هم ضحايا الواقع والاستلاب والاستغلال طغمة
الجاه والسلطة، وان تعيش معه في هذا الحي الشعبي مع هولاء الناس الطيبين الابرياء الذين
همشوا من قبل المسئولين واصحاب القرار الذين يريدون ترحيلهم قصد الاستيلاء على ممتلكاتهم وحيهم الذي
يسكنون فيه لاستثماره في ماربهم الشخصية:
“عريب: لقد منحتني حق الاختيار وقد اخترت. اخترت ان اكون الى جوارك، الى جوار دعبل
وعيسى وجحظة واشعب وغير هولاء. انني اراك واقفا في بركة ماء وعيونك فوق…سجين بغداد واشياخها
وسجين نفسك…ابن الرومي، انني اشفق عليك من…” 19.
وسيصبح ابن الرومي شاعرا ثائرا يتصالح مع جيرانه ويمنعهم من الرحيل ويعترف باخطائه الجسيمة التي
ارتكبها في حقهم وبان سماسرة السراب هم المسئولون عن هذا الاستلاب والتخدير الاجتماعي ووعدهم ان
يكونوا يدا واحدة في وجه المستغلين وبائعي الاحلام الزائفة:
“ابن الرومي: عيسى، جحظة، دعبل، اشعب، اقتربوا. هذا قلبي التعس انشره عند اقدامكم سجادا وبساطا.
اقتربوا…
جحظة المغني:( بارتياب) ما هذا الكلام الزائد؟
عيسى البخيل: هل انت بخير يا ابن الرومي؟
ابن الرومي: نعم، لاول مرة اشعر بانني احيا واتنفس وارى. اقتربوا، اقتربوا يا من في
احداقكم اقرا مافي القلب. قلوبكم ناصعة ظاهرة. اراها منشورة امام الكل على حبل الغسيل… اشعب،
يا رسول الحي وقلبه، لست فضوليا. نعم، لانك الجزء والكل. انت روح بغداد، الظل، بغداد
الفقراء… وانت ياجحظة، ياكروان حي الصفيح، غنيت عذابنا وشقاءنا، غنيت افراحنا… وانت يا دعبل…
دعبل الاحدب: سارحل كما ودعتك يا ابن الرومي.
ابن الرومي: لا بل ستبقى، نعم، اخاف عليك من العراء. اخاف من قبضة السماسرة. ستبقى.
سيبقى الجميع. وليذهب الخادم يا زمان الى الجحيم…
عيسى البخيل: يا زمان؟!هذا الاسم جديد على سمعنا يا ابن الرومي..
ابن الرومي: ساحدثكم عنه، ولكم ليس الان… وانت يا عيسى؟
عيسى البخيل: لست بخيلا يا ابن الرومي. صدقني…
ابن الرومي: اصدقك…” 20.
وتختار عريب في الاخير ان تدفع الشاعر لمعرفة العالم الخارجي قصد تحريره من خياله واوهامه
واحلامه وانكماشه الداخلي واغترابه الذاتي والمكاني، فارسلته ليبحث لها عن خلخاله الذي ضاع منها في
السوق؛ وبعد تردد وتجاهل قرر ابن الرومي ان ينزل عند رغبة عريب وان يبحث لها
عن خلخالها:
” عريب: ( تحدث نفسها في حزن) ياالله! ماذا فعلت؟ بعثت به الى السوق لا
ليعود بالخلخال ولكن لاحرره من نفسه واوهامه. تراني فعلت خيرا ام ارتكبت خطا قاتلا؟ لست
ادري.. لست ادري…” 21
ويعود الكاتب الى خيال الظل وصاحبه ابن دنيال الذي ثار عليه المشاهدون من اهل الحي
القصديري؛ لانهم لم يمنحهم الحلول ويخبرهم عن ابن الرومي الثائر الذي خرج الى السوق والعالم
الخارجي باحثا عن الخلخال الضائع. لكن ابنته دنيازاد وهي من جيل الحاضر على عكس ابيها
الذي مازال يعيش احلام الماضي الاصفر تدعو الى الثورة والنضال والتغيير والتظاهر من اجل الدفاع
عن الحقوق المشروعة فتختار الحركة بدلا من اللفظ البراق والشعارات الجوفاء:
” ابن دانيال:دنيازاد، الى اين تذهبين يا ابنتي؟
دنيازاد: اين اذهب؟ اذهب الى حيث يذهب هولاء.
ابن دانيال:ولكننا لسنا منهم، نحن من عالم اخر…
دنيازاد: انت واهم يا ابي، ليس هناك الا عالم واحد ومدينة واحدة…الكلمة التي تفتقر الى
الحركة هي كلمة زائفة تماما كعملة بلا رصيد. وجودنا داخل المدينة وعذابها اشياء لايمكن القفز
فوقها. تعال يا ابي.. عذاب الفقراء ماكان يوما فرجة ولن يكون ابدا…تعال….( تمد يدها لابن
دانيال. يتردد هذا لحظة لم يعطيها يده).” 22
الشخصيات الدرامية:
اما الشخصيات الدرامية في المسرحية فهي اقنعة رمزية ويمكن تصنيفها الى اصناف عدة، فهناك شخصيات
تراثية تنتمي الى الماضي الشعبي والاسطوري (ابن دنيال- دنيازاد) والادبي (ابن الرومي)وشخصيات معاصرة تنتمي الى
الحاضر(سعدان- رضوان-حمدان- المقدم- رئيس المجلس البلدي)، كما ان هناك شخصيات مثالية مثل: ابن دنيال وابن
الرومي وشخصيات واقعية مثل: سعدان ورضوان وحمدان وعريب…كما ان هناك شخصيات كادحة مستغلة بفتح الغين
مثل: سعدان وحمدان ورضوان وجحظة المغني وعيسى البخيل ودعبل الاحدب وعريب وشخصيات مستغلة (بكسر الغين)
تملك الجاه والسلطة والزيف مثل: المقدم و الخادم يا زمان ورئيس المجلس البلدي.وسنحاول الان رصد
مواصفات الشخصيات المذكورة في المسرحية التي صاغ الكاتب اسماءها في صيغة المفارقة والسخرية:
- ابن الرومي في مدن الصفيح
- رواية ابن الرومي في مدن الصفيح
- إبن الرومي في مدن الصفيح
- مواضيع ابن الرومي في مدن الصفيح
- ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺮﻭﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﺪﻥ ﺍﻟﺼﻔﻴﺢ
- تحليل عنوان مؤلف ابن الرومي في مدن الصفيح لعبد الكريم برشيد
- تلخيص كتاب سبع قصص من المغرب لعبد الله شقرون
- دنيازاد في مسرحية ابن الرومي
- تحليل رواية ابن الرومي في مدن الصفيح
- العراء في المسرح البلدي