قصة العنقود الذهبي
قصة العنقود الذهبي
قصة العنقود الذهبي
كان لرجل سبع بنات. ولما اراد ان يحج، جمع بناته حوله، فطلبت كل منهن ان
يحضر لها الهدية التي ترغب فيها. لكنه استغرب عندما طلبت اليه الصغرى عنقود عنب مصوغا
من الذهب.
توجه الرجل الى بيت الله الحرام ولما انتهى من اداء فريضة الحج، اشترى لبناته الست
ما طلبنه، ونسي ان يشتري هدية الصغرى منهن.
وعندما ركب السفينة الراسية على شاطئ البحر عائدا الى بلاده، لم تتحرك السفينة وبقيت في
مكانها.
طلب الربان الى الحجاج الراكبين معه ان يتذكروا امرا نسوه. فالسفينة لا تتوقف هكذا الا
اذا كان احد الحجاج قد نسي شيئا ما. وهنا تذكر الاب ما اوصته به بنته
الصغرى، فقال: نسيت هدية بنتي الصغرى، وهي عنقود عنب مصوغ من الذهب.
ظهر عندها مارد اسود طويل قرب السفينة، فخاف الحجاج والربان، لكن المارد طمانهم. وكان يحمل
في يده عنقود عنب، يعكس بريقه ذهب خالص، واتجه نحو الاب قائلا: هذا ما طلبته
بنتك الصغرى.
استغرب الاب، لكن المارد خاطبه: ايها الحاج، هل تاخذ هذا العنقود مقابل ان تتزوجني بنتك
الصغرى؟
ارتعب الحاج ورفض العرض. لكن السفينة ظلت واقفة في مكانها لا تتحرك. فالح بقية الحجاج
ليوافق على طلب المارد، والا تاخروا عن العودة الى الوطن.
اضطر الاب الى الموافقة، وهو غير راض. وسال المارد عن الطريقة التي سيتم بها الزواج،
فاجابه المارد: ضع ابنتك فوق سطح البيت عند عودتك بكامل زينتها وساخطفها.
عاد الاب محملا بهداياه، وبهم ثقيل على قلبه. وقد فرحت البنت الصغرى بهديتها عندما تسلمتها.
لكنها لمحت الدموع تنهمر من عيني ابيها، فاستغربت وسالته عن السر.
حكى الاب القصة لابنته، فطمانته، وبدت راضية بما قسمه الله لها. وتزينت زينة العرائس، فبدت
في غاية الجمال، وراحت تبتسم وابوها واخواتها يذرفون الدموع.
صعدت البنت الصغرى الى سطح الدار في تلك الليلة الحالكة، وفجاة ظهر المارد، وكان له
جناحان عظيمان هذه المرة، فحملها على احد جناحيه، ووضع امتعتها وما جلبته معها على جناحه
الثاني، وطار الى حيث لا تدري. وفجاة، حط المارد في قصر فخم واسع الانحاء. وكان
في القصر سبع غرف، تقع كل واحدة منها داخل الاخرى، وتنتهي بغرفة مقفلة.
كان المارد يدلها على ما في البيت من اسرار. فتح لها كل الابواب، ورات كل
الاشياء، الا ما هو في الغرفة السابعة. فتساءلت عن سر بقاء الغرفة السابعة مقفلة.
قال لها المارد ان بامكانها ان تفعل كل شيء الا فتح الغرفة السابعة، فهي سر
يجب ان يظل مغلقا.
لم تهتم البنت للغرفة السابعة اول الامر. لكنها في الايام التالية ظلت تتساءل: "لماذا هذه
الغرفة مغلقة؟ ما هو سرها؟ وقد زادت من حيرتها ان المارد كان يخاطبها على انها
سيدته، لا زوجته. كما انها لاحظت ان هذا المارد يحضر لها كل مساء ليمونة. وبمجرد
ان تتناولها تروح في نوم عميق، لا تحس بعده بشيء، ولا تستيقظ الا فجر اليوم
التالي. وزادت حيرتها حين احست انها ستصبح اما، وان في بطنها جنينا لا تدري من
هو ابوه، فقررت ان تطلع على السر مهما كان الثمن.
تاهبت المراة لاستقبال ليلة حاسمة. فاحضرت ليمونة غير تلك الليمونة التي يحضرها المارد. وتظاهرت امامه
بانها تناولت الليمونة التي جلبها لها. ولم يلاحظ المارد شيئا.
انطلت على المارد حيلة المراة التي تظاهرت بالنوم، حتى ذهب الى فراشه، واستغرق في نوم
عميق. فلاحظت سلسلة مفاتيح يحملها في عنقه، ونجحت في اخذها.
ذهبت الى الغرفة المغلقة، واخذت تجرب كل المفاتيح، حتى تمكنت من فتح الباب المغلق. ودهشت
كثيرا عندما رات شابا جميلا ينام في سرير في وسط الغرفة.
كان الشاب عاري الصدر، وفي وسط صدره لاحظت شيئا يشبه القفل، فجربت ان تفتحه بمفتاح
صغير، فانفتح. ووجدت نفسها امام عالم سحري مليء بلعب الاطفال وملابسهم. واحست حينذاك ان هذا
الشاب الراقد في السرير هو زوجها من غير ان يستيقظ. لكن الشاب احس بها، فهب
واقفا، وابدى دهشته لوجود زوجته معه. فصرخ بها: لماذا فعلت هذا؟ الم ينهك المارد عنه؟
توسلت اليه الزوجة، وطلبت ان يسامحها، لكنه ظل غاضبا ونادى المارد ووبخه، وامره بان يلقي
بها في ارض بعيدة، ليس فيها انس ولا جان.
نفذ المارد رغبة سيده، فوجدت الفتاة نفسها وحيدة، واخذت تسير على غير هدى طوال النهار
وهي تبكي. وعندما جاء الليل رات انوارا تتلالا من بعيد، فاسرعت نحوها على الرغم من
تعبها الشديد. فصلت الى قصر عامر، فجلست امام بابه، وطرقته بضعف شديد. رحب بها اهل
الدار وقدموا لها الطعام، فاحست بشيء من الراحة.
وفي سكون الليل، بعد ان ذهبوا للنوم، سمعت حوارا يدور بين اخ واخته. كان الاخ
ياخذ راي اخته صاحبة الدار بخصوص زوجته التي فضحت سره وعصت امره. وعرفت الفتاة ان
الاخ هو زوجها، وانتظرت رد شقيقته بفزع. ومما اكد مخاوفها ان الاخت طلبت الى اخيها
ان يسلمها هذه الزوجة العاصية كي تعاقبها.
عندما سمعت الفتاة هذا الكلام، خرجت بسرعة من غير ان يحس بها احد، وظلت تمشي
وتمشي. ولما حل مساء اليوم التالي، لاحت لها انوار اخرى، ووجدت نفسها امام قصر استقبلها
اهله بترحاب.
وفي جوف الليل سمعت زوجها يحدث اخته بالكلام السابق ذاته. وعرفت ان هذه اخت زوجها
الثانية. فهربت ووصلت الى قصر ثالث، دخلته وسمعت صوت زوجها في الليل، يحدث اخته الصغرى
بقصة زوجته.
ارادت الفتاة ان تهرب، لكنها سمعت الاخت الصغرى تلوم اخاها وتلقي الذنب عليه وتعطي الحق،
كل الحق للزوجة، فهي لم تفعل ذلك الا عندما احست بان زوجها يخفي عنها اسراره،
ويكتم ما في صدره. ولهذا اقتحمت الغرفة، فلو لم تفعل ذلك، لبقيت في حيرة، لا
تعرف من هو زوجها. اهو المارد ام هو مجهول؟
تسللت كلمات الاخت الصغرى الى قلب اخيها الشاب، ورق قلبه لزوجته. وكان يعلم بوجودها في
بيت اخته، ويعلم انها تستمع اليه، فدخل عليها حيث كانت جالسة، وعانقها واعتذر اليها.
وعاش معها في قصر اخته الصغرى سعيدا منتظرا المولود الجديد
قصة العنقود الذهبي
قصة العنقود الذهبي