قصة سيدنا يوسف عليه السلام بالتفصيل كاملة

القصصي الروائي

قصة سيدنا يوسف عليه السلام بالتفصيل كاملة

حقيقية هذي من احلى القصص التي قراتها فحياتي

لنمضى الان بقصة يوسف -عليه السلام- و لنقسمها لعدد من الفصول و المشاهد ليسهل علينا تتبع الاحداث.

المشهد الاول من فصل طفولة يوسف:

ذهب يوسف الصبى الصغير لابيه، و حكي له عن رؤيا راها. اخبرة بانه راي فالمنام احد عشر كوكبا و الشمس و القمر ساجدين له. استمع الاب الى رؤيا ابنة و حذرة ان يحكيها لاخوته. فلقد ادرك يعقوب -عليه السلام- بحدسة و بصيرتة ان و راء هذي الرؤية شانا عظيما لهذا الغلام. لذا نصحة بان لا يقص رؤياة على اخوتة خشية ان يستشعورا ما و راءها لاخيهم الصغير -غير الشقيق، حيث تزوج يعقوب من امراة ثانية =انجبت له يوسف و شقيقه- فيجد الشيطان من ذلك ثغرة فنفوسهم، فتمتلئ نفوسهم بالحقد، فيدبروا له امرا يسوؤه. استجاب يوسف لتحذير ابيه.. لم يحدث اخوتة بما راى، و اغلب الظن انهم كانوا يكرهونة الى الحد الذي يصعب به ان يطمئن اليهم و يحكى لهم دخائلة الخاصة و احلامه.

المشهد الثاني:

اجتمع اخوة يوسف يتحدثون فامره. (اذ قالوا ليوسف و اخوة احب الى ابينا منا و نحن عصبة ان ابانا لفى ضلال مبين) اي نحن مجموعة قوية تدفع و تنفع، فابونا مخطئ فتفضيل هذين الصبيين على مجموعة من الرجال النافعين! فاقترح احدهم حلا للموضوع: (اقتلوا يوسف او اطرحوة ارضا). انه الحقد و تدخل الشيطان الذي ضخم حب ابيهم ليوسف و ايثارة عليهم حتي جعلة يوازى القتل. اكبر جرائم الارض قاطبة بعد الشرك بالله. و طرحة فارض بعيدة نائية مرادف للقتل، لانة سيموت هنالك لا محاله. و لماذا ذلك كله؟! حتي لا يراة ابوة فينساة فيوجة حبة كله لهم. و من بعدها يتوبون عن جريمتهم (وتكونوا من بعدة قوما صالحين).

قال قائل منهم -حرك الله اعماقة بشفقة خفية ، او اثار الله فاعماقة رعبا من القتل: ما الداعى لقتله؟ ان كنتم تريدون الخلاص منه، فلنلقة فبئر تمر عليها القوافل.. ستلتقطة قافلة و ترحل فيه بعيدا.. سيختفى عن و جة ابيه.. و يتحقق غرضنا من ابعاده.

انهزمت فكرة القتل، و اختيرت فكرة النفى و الابعاد. نفهم من ذلك ان الاخوة ، رغم شرهم و حسدهم، كان فقلوبهم، او فقلوب بعضهم، بعض خير لم يمت بعد.

المشهد الثالث:

توجة الابناء لابيهم يطلبون منه السماح ليوسف بمرافقتهم. دار الحوار بينهم و بين ابيهم بنعومة و عتاب خفي، و اثارة للمشاعر.. ما لك لا تامنا على يوسف ..؟ ايمكن ان يصبح يوسف اخانا، و انت تخاف عليه من بيننا و لا تستامننا عليه، و نحن نحبه و ننصح له و نرعاه؟ لماذا لا ترسلة معنا يرتع و يلعب؟

وردا على العتاب الاستنكارى الاول جعل يعقوب عليه السلام ينفى -بكيفية غير مباشرة – انه لا يامنهم عليه، و يعلل احتجازة معه بقلة صبرة على فراقة و خوفة عليه من الذئاب: قال انني ليحزننى ان تذهبوا فيه و اخاف ان ياكلة الذئب و انتم عنه غافلون .

ففندوا فكرة الذئب الذي يخاف ابوة ان ياكله.. نحن عشرة من الرجال.. فهل نغفل عنه و نحن كثرة ؟ نكون خاسرين غير اهل للرجولة لو و قع ذلك.. لن ياكلة الذئب و لا داعى للخوف عليه.

وافق الاب تحت ضغط ابنائه.. ليتحقق قدر الله و تتم القصة كما تقتضى مشيئته!

المشهد الرابع:

خرج الاخوة و معهم يوسف، و اخذوة للصحراء. اختاروا بئرا لا ينقطع عنها مرور القوافل و حملوة و هموا بالقائة فالبئر.. و اوحي الله الى يوسف انه ناج فلا يخاف.. و انه سيلقاهم بعد يومهم ذلك و ينبئهم بما فعلوه.

المشهد الخامس:

عند العشاء جاء الابناء باكين ليحكوا لابيهم قصة الذئب المزعومة . اخبروة بانهم ذهبوا يستبقون، فجاء ذئب على غفلة ، و طعام يوسف. لقد الهاهم الحقد الفائر عن سبك الكذبة ، فلو كانوا اهدا اعصابا ما فعلوها من المرة الاولي التي ياذن لهم بها يعقوب باصطحاب يوسف معهم! و لكنهم كانوا معجلين لا يصبرون، يخشون الا تواتيهم الفرصة مرة اخرى. ايضا كان التقاطهم لحكاية الذئب دليلا على التسرع، و ربما كان ابوهم يحذرهم منها امس، و هم ينفونها. فلم يكن من المستساغ ان يذهبوا فالصباح ليتركوا يوسف للذئب الذي حذرهم ابوهم منه امس! و بمثل ذلك التسرع جاءوا على قميصة بدم كذب لطخوة فيه فغير اتقان و نسوا فانفعالهم ان يمزقوا قميص يوسف.. جاءوا بالقميص كما هو سليما، و لكن ملطخا بالدم.. و انتهي كلامهم بدليل قوي على كذبهم حين قالوا: (وما انت بمؤمن لنا و لو كنا صادقين) اي و ما انت بمطمئن لما نقوله، و لو كان هو الصدق، لانك تشك فينا و لا تطمئن لما نقوله.

ادرك يعقوب من دلائل الحال و من نداء قلبة و من الاكذوبة الواضحة ، ان يوسف لم ياكلة الذئب، و انهم دبروا له مكيدة ما ، و انهم يلفقون له قصة لم تقع، فواجههم بان نفوسهم ربما حسنت لهم امرا منكرا و ذللتة و يسرت لهم ارتكابه؛ و انه سيصبر متحملا متجملا لا يجزع و لا يفزع و لا يشكو، مستعينا بالله على ما يلفقونة من حيل و اكاذيب: قال بل سولت لكم انفسكم امرا فصبر رائع و الله المستعان على ما تصفون

المشهد الاخير من الفصل الاول من حياة سيدنا يوسف عليه السلام:

خلال وجود يوسف بالبئر، مرت عليه قافلة .. قافلة فطريقها الى مصر.. قافلة كبار .. سارت طويلا حتي سميت سيارة .. توقفوا للتزود بالماء.. و ارسلوا احدهم للبئر فادلي الدلو فيه.. تعلق يوسف به.. ظن من دلاة انه امتلا بالماء فسحبه.. ففرح بما راى.. راي غلاما متعلقا بالدلو.. فسري على يوسف حكم الحاجات المفقودة التي يلتقطها احد.. يصير عبدا لمن التقطه.. كذا كان قانون هذا الزمان البعيد.

فرح فيه من و جدة فالبداية ، بعدها زهد به حين فكر فهمة و مسئوليته، و زهد به لانة و جدة صبيا صغيرا.. و عزم على التخلص منه لدي و صولة الى مصر.. و لم يكد يصل الى مصر حتي باعة فسوق الرقيق بثمن زهيد، دراهم معدودة . و من هنالك اشتراة رجل تبدو عليه الاهمية .

انتهت المحنة الاولي فحياة ذلك النبى الكريم، لبتدا المحنة الثانية =، و الفصل الثاني من حياته.

ثم يكشف الله تعالى مضمون القصة البعيد فبدايتها (والله غالب على امرة و لكن اكثر الناس لا يعلمون). لقد انطبقت جدران العبودية على يوسف. القى فالبئر، اهين، حرم من ابيه، التقط من البئر، صار عبدا يباع فالاسواق، اشتراة رجل من مصر، صار مملوكا لهذا الرجل.. انطبقت الماساة ، و صار يوسف بلا حول و لا قوة .. كذا يظن اي انسان.. غير ان الحقيقة شيء يختلف عن الظن تماما.

ما نتصور نحن انه ما ساة و محنة و فتنة .. كان هو اول سلم يصعدة يوسف فكيفية الى مجده.. (والله غالب على امره) .. ينفذ تدبيرة رغم تدبير الاخرين. ينفذ من خلالة تدبير الاخرين فيفسدة و يتحقق و عد الله، و ربما و عد الله يوسف بالنبوة .

وها هو ذا يلقى محبتة على صاحبة الذي اشتراه.. و ها هو ذا السيد يقول لزوجتة اكرمى مثواة عسي ان ينفعنا او نتخذة و لدا. و ليس ذلك السيد رجلا هين الشان.. انما هو رجل مهم.. رجل من الطبقة الحاكمة فمصر.. سنعلم بعد قليل انه و زير من و زراء الملك. و زير خطير سماة القران العزيز ، و كان قدماء المصريين يطلقون الصفات كاسماء على الوزراء. فهذا العزيز.. و ذلك العادل.. و ذلك القوي.. الى اخره.. و ارجح الاراء ان العزيز هو رئيس و زراء مصر.

وهكذا مكن الله ليوسف فالارض.. سيتربي كصبى فبيت رجل يحكم. و سيعلمة الله من تاويل الاحاديث و الرؤى.. و سيحتاج الية الملك فمصر يوما. (والله غالب على امرة و لكن اكثر الناس لا يعلمون). تم ذلك كله من اثناء فتنة قاسية تعرض لها يوسف.

ثم يبين لنا المولي عز و جل كرمة على يوسف فيقول:

ولما بلغ اشدة اتيناة حكما و علما و ايضا نجزى المحسنين (22) (يوسف)

كان يوسف احلى رجل فعصره.. و كان نقاء اعماقة و صفاء سريرتة يضفيان على و جهة مزيدا من الجمال. و اوتى صحة الحكم على الامور.. و اوتى علما بالحياة و احوالها. و اوتى اسلوبا فالحوار يخضع قلب من يستمع اليه.. و اوتى نبلا و عفة ، جعلاة شخصية انسانية لا تقاوم.

وادرك سيدة ان الله ربما اكرمة بارسال يوسف اليه.. اكتشف ان يوسف اكثر من راي فحياتة امانة و استقامة و شهامة و كرما.. و جعلة سيدة مسئولا عن بيته و اكرمة و عاملة كابنه.

ويبدا المشهد الاول من الفصل الثاني فحياته:

فى ذلك المشهد تبدا محنة يوسف الثانية =، و هي اشد و اعمق من المحنة الاولى. جاءتة و ربما اوتى صحة الحكم و اوتى العلم -رحمة من الله- ليواجهها و ينجو منها جزاء احسانة الذي سجلة الله له فقرانه. يذكر الله تعالى هذي المحنة فكتابة الكريم:

وراودتة التي هو فبيتها عن نفسة و غلقت الابواب و قالت هيت لك قال معاذ الله انه ربى اقوى مثواى انه لا يفلح الظالمون (23) و لقد همت فيه و هم فيها لولا ان راي برهان ربة ايضا لنصرف عنه السوء و الفحشاء انه من عبادنا المخلصين (24) (يوسف)

لا يذكر السياق القرانى شيئا عن سنها و سنه، فلننظر فذلك من باب التقدير. لقد احضر يوسف صبيا من البئر، كانت هي زوجة فالثلاثة و العشرين مثلا، و كان هو فالثانية =عشرا. بعد ثلاثة عشر عاما صارت هي فالسادسة و الثلاثين و وصل عمرة الى الخامسة و العشرين. اغلب الظن ان الامر كذلك. ان تصرف المراة فالحادثة و ما بعدين يشير الى انها مكتملة جريئة .

والان، لنتدبر معنا فعبارات هذي الايات.

(وراودته) صراحة (عن نفسة )، و اغلقت (الابواب و قالت هيت لك). لن تفر منى هذي المرة . ذلك يعني انه كانت هنالك مرات سابقة فر بها منها. مرات سابقة لم تكن الدعوة بها بهذه الصراحة و ذلك التعري. فيبدوا ان امراة العزيز سئمت تجاهل يوسف لتلميحاتها المستمرة و اباءه.. فقررت ان تغير خطتها. خرجت من التلميح الى التصريح.. اغلقت الابواب و مزقت اقنعة الحياء و صرحت بحبها و طالبتة بنفسه.

ثم يتجاوزز السياق القرانى الحوار الذي دار بين امراة العزيز و يوسف عليه السلام، و لنا ان نتصور كيف حاولت اغراءة اما بلباسها او كلماتها او حركاتها. لكن ما يهمنا هنا هو موقف يوسف -عليه السلام- من ذلك الاغواء.

يقف ذلك النبى الكريم فو جة سيدتة قائلا (قال معاذ الله انه ربى اقوى مثواى انه لا يفلح الظالمون) اعيذ نفسي بالله ان افعل ذلك مع زوجة من اكرمنى بان نجانى من الجب و جعل فهذه الدار مثواى الطيب الامن. و لا يفلح الظالمون الذين يتجاوزون حدود الله، فيرتكبون ما تدعيننى اللحظة اليه.

ثم (ولقد همت فيه و هم فيها لولا ان راي برهان ربه) اتفق المفسرون حول همها بالمعصية ، و اختلفوا حول همه. فمنهم من اخذ بالاسرائيليات و ذكر ان يعقوب ظهر له، او جبريل نزل اليه، لكن التلفيق و الاختلاق ظاهر فهذه الزوايات الاسرائيلية . و من قائل: انها همت فيه تقصد المعصية و هم فيها يقصد المعصية و لم يفعل، و من قائل: انها همت فيه لتقبلة و هم فيها ليضربها، و من قائل: ان ذلك الهم كان بينهما قبل الحادث. كان حركة نفسية داخل نفس يوسف فالسن التي اجتاز بها فترة المراهقة . بعدها صرف الله عنه. و اروع تفسير تطمئن الية نفسي ان هنالك تقديما و تاخيرا فالاية .

قال ابو حاتم: كنت اقرا غريب القران على ابي عبيدة ، فلما اتيت على قوله تعالى: (ولقد همت فيه و هم بها). قال ابو عبيدة : ذلك على التقديم و التاخير. بمعني و لقد همت به.. و لولا ان راي برهان ربة لهم بها. يستقيم ذلك التفسير مع عصمة الانبياء.. كما يستقيم مع روح الايات التي تلحقة مباشرة (ايضا لنصرف عنه السوء و الفحشاء انه من عبادنا المخلصين) و هذي الاية التي تثبت ان يوسف من عباد الله المخلصين، تقطع فنفس الوقت بنجاتة من سلطان الشيطان. قال تعالى لابليس يوم الخلق (ان عبادى ليس لك عليهم سلطان) و ما دام يوسف من عبادة المخلصين، فقد و ضح الامر بالنسبة اليه. لا يعني ذلك ان يوسف كان يخلو من مشاعر الرجولة ، و لا يعني ذلك انه كان فنقاء الملائكة و عدم احتفالهم بالحس. انما يعني انه تعرض لاغراء طويل قاومة فلم تمل نفسة يوما، بعدها اسكنها تقواها كونة مطلعا على برهان ربه، عارفا انه يوسف بن يعقوب النبي، ابن اسحق النبي، ابن ابراهيم جد الانبياء و خليل الرحمن.

يبدو ان يوسف -عليه السلام- اثر الانصراف متجها الى الباب حتي لا يتطور الامر اكثر. لكن امراة العزيز لحقت فيه لتمسكه، تدفهعا الشهوة لذلك. فامسكت قميصة من الخلف، فتمزق فيدها. و هنا تقطع المفاجاة . فتح الباب زوجها -العزيز. و هنا تتبدي المراة المكتملة ، فتجد الجواب حاضرا على السؤال البديهى الذي يطرح الموقف. فتقول متهمة الفتى: قالت ما جزاء من اراد باهلك سوءا الا ان يسجن او عذاب اليم

واقترحت هذي المراة -العاشقة – سريعا العقاب -المامون- الواجب تنفيذة على يوسف، خشية ان يفتك فيه العزيز من شدة غضبه. بينت للعزيز ان اروع عقاب له هو السجن. بعد ذلك الاتهام الباطل و الحكم السريع جهر يوسف بالحقيقة ليدافع عن نفسه: قال هي راودتنى عن نفسي

تجاوز السياق القرانى رد الزوج، لكنة بين طريقة تبراة يوسف -عليه السلام- من هذي التهمة الباطلة :

وشهد شاهد من اهلها ان كان قميصة ربما من قبل فصدقت و هو من الكاذبين (26) و ان كان قميصة ربما من دبر فكذبت و هو من الصادقين (27) فلما راي قميصة ربما من دبر قال انه من كيدكن ان كيدكن عظيم (28) (يوسف)

لا نعلم ان كان الشاهد مرافقا للزوج منذ البداية ، ام ان العزيز استدعاة بعد الحادثة لياخذ برايه.. كما اشارت بعض الروايات ان ذلك الشاهد رجل كبير، بينما اخبرت روايات ثانية =انه طفل رضيع. جميع ذلك جائز. و هو لا يغير من الامر شيئا. ما يذكرة القران ان الشاهد امرهم بالنظر للقميص، فان كان ممزقا من الامام فذلك من اثر مدافعتها له و هو يريد الاعتداء عليها فهي صادقة و هو كاذب. و ان كان قميصة ممزقا من الخلف فهو اذن من اثر تملصة منها و تعقبها هي له حتي الباب، فهي كاذبة و هو صادق.

فلما راي قميصة ربما من دبر قال انه من كيدكن ان كيدكن عظيم (28) (يوسف)

فتاكد الزوج من خيانة زوجتة عندما راي قميص يوسف ممزق من الخلف. لكن الدم لم يثر فعروقة و لم يصرخ و لم يغضب. فرضت عليه قيم الطبقة الراقية التي و قع بها الحادث ان يواجة الموقف بلباقة و تلطف.. نسب ما فعلتة الى كيد النساء عموما. و صرح بان كيد النساء عموم عظيم. و كذا سيق الامر كما لو كان ثناء يساق. و لا نحسب انه يسوء المراة ان يقال لها: (ان كيدكن عظيم). فهو دلالة على انها انثى كاملة مستوفية لمقدرة الانثى على الكيد. بعدين التفت الزوج الى يوسف قائلا له: (يوسف اعرض عن هذا) اهمل ذلك المقال و لا تعرة اهتماما و لا تتحدث به. ذلك هو المهم.. المحافظة على الظواهر.. بعدها يوجة عظة -مختصرة – للمراة التي ضبطت متلبسة بمراودة فتاها عن نفسها و تمزيق قميصه: (واستغفرى لذنبك انك كنت من الخاطئين).

انتهي الحادث الاول.. لكن الفتنة لم تنته.. فلم يفصل سيد المنزل بين المراة و فتاها.. جميع ما طلبة هو اغلاق الحديث فهذا الموضوع. غير ان ذلك المقال بالذات. و ذلك الامر يصعب تحقيقة فقصر يمتلئ بالخدم و الخادمات و المستشارين و الوصيفات.

المشهد الثاني:

بدا المقال ينتشر.. خرج من القصر الى قصور الطبقة الراقية يومها.. و وجدت به نساء هذي الطبقة ما دة شهية للحديث. ان خلو حياة هذي الطبقات من المعنى، و انصرافها الى اللهو، يخلعان اهمية قصوي على الفضائح التي ترتبط بشخصيات شهيرة .. و زاد حديث المدينة (وقال نسوة فالمدينة امراة العزيز تراود فتاها عن نفسة ربما شغفها حبا انا لنراها فضلال مبين) و انتقل الخبر من فم الى فم.. و من بيت =الى بيت.. حتي وصل لامراة العزيز.

المشهد الثالث:

فلما سمعت بمكرهن ارسلت اليهن و اعتدت لهن متكا و اتت جميع واحدة منهن سكينا و قالت اخرج عليهن فلما راينة اكبرنة و قطعن ايديهن و قلن حاش لله ما ذلك بشرا ان ذلك الا ملك كريم (31) قالت فذلكن الذي لمتننى به و لقد راودتة عن نفسة فاستعصم و لئن لم يفعل ما امرة ليسجنن و ليصبحا من الصاغرين (32) (يوسف)

عندما سمعت امراة العزيز بما تتناقلة نساء الطبقة العليا عنها، قررت ان تعد ما دبة كبار فالقصر. و اعدت الوسائد حتي يتكئ عليها المدعوات. و اختارت الوان الاكل و الشراب و امرت ان توضع السكاكين الحادة الى جوار الاكل المقدم. و وجهت الدعوة لكل من تحدثت عنها. و بينما هن منشغلات بتقطيع اللحم او تقشير الفاكهة ، فاجاتهن بيوسف: و قالت اخرج عليهن فلما

(فلما راينة اكبرنه) بهتن لطلعته، و دهشن. (وقطعن ايديهن) و جرحن ايديهن بالسكاكين للدهشة المفاجئة . (وقلن حاش لله) و هي كلمة تنزية تقال فهذا الموضع تعبيرا عن الدهشة بصنع الله.. (ما ذلك بشرا ان ذلك الا ملك كريم) يتضح من هذي التعبيرات ان شيئا من ديانات التوحيد تسربت لاهل هذا الزمان.

ورات المراة انها انتصرت على نساء طبقتها، و انهن لقين من طلعة يوسف الدهش و الاعجاب و الذهول. فقالت قوله المراة المنتصرة ، التي لا تستحى امام النساء من فتيات جنسها و طبقتها، و التي تفتخر عليهن بان ذلك متناول يدها؛ و ان كان ربما استعصم فالمرة الاولي فهي ستحاول المرة تلو الثانية =الى ان يلين: انظرن ماذا لقيتن منه من البهر و الدهش و الاعجاب! لقد بهرنى مثلكن فراودتة عن نفسة لكنة استعصم، و ان لم يطعنى سامر بسجنة لاذله.

انها لم تري باسا من الجهر بنزواتها الانثوية اما نساء طبقتها. فقالتها بكل اصرار و تبجح، قالتها مبينة ان الاغراء الجديد تحت التهديد.

واندفع النسوة كلهم الية يراودنة عن نفسه.. جميع منهن ارادتة لنفسها.. و يدلنا على هذا امران. الدليل الاول هو قول يوسف عليه السلام (رب السجن احب الى مما يدعوننى اليه) فلم يقل (ما تدعونى اليه).. و الامر الاخر هو سؤال الملك لهم فيما بعد (قال ما خطبكن اذ راودتن يوسف عن نفسه).

امام هذي الدعوات -سواء كانت بالقول ام بالحركات و اللفتات- استنجد يوسف بربه ليصرف عنه محاولاتهن لايقاعة فحبائلهن، خيفة ان يضعف فلحظة امام الاغراء الدائم، فيقع فيما يخشاة على نفسه. دعي يوسف الله دعاء الانسان العارف ببشريته، الذي لا يغتر بعصمته؛ فيريد مزيدا من اعتناء الله و حياطته، و يعاونة على ما يعترضة من فتة و كيد و اغراء. (قال رب السجن احب الى مما يدعوننى الية و الا تصرف عنى كيدهن اصب اليهن و اكن من الجاهلين) و استجاب له الله.. و صرف عنه كيد النسوة .

وهذا الصرف ربما يصبح بادخال الياس فنفوسهن من استجابتة لهن، بعد هذي التجربة ؛ او بزيادة انصرافة عن الاغراء حتي ما يحس فنفسة اثرا منه. او بهما جميعا. و كذا اجتاز يوسف المحنة الثانية =بلطف الله و رعايته، فهو الذي سمع الكيد و يسمع الدعاء، و يعلم ما و راء الكيد و ما و راء الدعاء.

ما انتهت المحنة الثانية =الا لتبدا الثالثة .. لكن هذي الثالثة هي احدث محن الشدة .

يسجن يوسف عليه السلام و الفصل الثالث من حياته:

ربما كان دخولة للسجن بسبب انتشار قصتة مع امراة العزيز و نساء طبقتها، فلم يجد اصحاب هذي البيوت كيفية لاسكات هذي الالسنة سوي سجن ذلك الفتي الذي دلت جميع الايات على برائته، لتنسي القصة . قال تعالى فسورة (يوسف):

ثم بدا لهم من بعد ما راوا الايات ليسجننة حتي حين (35) (يوسف)

وهكذا ترسم الاية الموجزة جو ذلك العصر باكمله.. جو الفساد الداخلى فالقصور، جو الاوساط الارستقراطية .. و جو الحكم المطلق.

ان حلول المشكلات فالحكم المطلق هي السجن.. و ليس ذلك بغريب على من يعبد الهة متعددة . كانوا على عبادة غير الله.. و لقد راينا من قبل كيف تضيع حريات الناس حين ينصرفون عن عبادة الله الى عبادة غيره. و ها نحن اولاء نري فقصة يوسف شاهدا حيا يصيب حتي الانبياء. صدر قرارا باعتقالة و ادخل السجن. بلا قضية و لا محاكمة ، ببساطة و يسر.. لا يصعب فمجتمع تحكمة الهة متعددة ان يسجن بريء. بل لعل الصعوبة تكمن فمحاولة شيء غير ذلك.

دخل يوسف السجن ثابت القلب هادئ الاعصاب اقرب الى الفرح لانة نجا من الحاح زوجة العزيز و رفيقاتها، و ثرثرة و تطفلات الخدم. كان السجن بالنسبة الية مكانا هادئا يخلو به و يفكر فربه.

ويبين لنا القران الكريم المشهد الاول من ذلك الفصل:

يختصر السياق القرانى ما كان من امر يوسف فالسجن.. لكن الواضح ان يوسف -عليه السلام- انتهز فرصة و جودة فالسجن، ليقوم بالدعوة الى الله. مما جعل السجناء يتوسمون به الطيبة و الصلاح و احسان العبادة و الذكر و السلوك.

انتهز يوسف -عليه السلام- هذي الفرصة ليحدث الناس عن رحمة الخالق و عظمتة و حبة لمخلوقاته، كان يسال الناس: ايهما افضل.. ان ينهزم العقل و يعبد اربابا متفرقين.. ام ينتصر العقل و يعبد رب الكون العظيم؟ و كان يقيم عليهم الحجة بتساؤلاتة الهادئة و حوارة الذكى و صفاء ذهنه، و نقاء دعوته.

وفى احد الايام، قدم له سجينان يسالانة تفسير احلامهما، بعد ان توسما فو جهة الخير. ان اول ما قام فيه يوسف -عليه السلام- هو طمانتهما انه سيؤول لهم الرؤى، لان ربة علمة علما خاصا، جزاء على تجردة هو و اباؤة من قبلة لعبادتة و حده، و تخلصة من عبادة الشركاء.. و بذلك يكسب ثقتهما منذ اللحظة الاولي بقدرتة على تاويل رؤياهما، كما يكسب ثقتهما ايضا لدينه. بعدها بدا بدعوتهما الى التوحيد، و تبيان ما هم عليه من الظلال. قام بكل ذلك برفق و لطف ليدخل الى النفوس بلا مقاومة .

بعد هذا فسر لهما الرؤى. بين لهما ان احدها سيصلب، و الاخر سينجو، و سيعمل فقصر الملك. لكنة لم يحدد من هو صاحب البشري و من هو صاحب المصير السيئ تلطفا و تحرجا من المواجهة بالشر و السوء. و تروى بعض التفاسير ان هؤلاء الرجلين كانا يعملان فالقصر، احدهما طباخا، و الاخر يسقى الناس، و ربما اتهما بمحاولة تسميم الملك.

اوصي يوسف من سينجو منهما ان يذكر حالة عن الملك. لكن الرجل لم ينفذ الوصية . فربما الهتة حياة القصر المزدحمة يوسف و امره. فلبث فالسجن بضع سنين. اراد الله بهذا ان يعلم يوسف -عليه السلام- درسا.

فقد و رد فاحدي الرويات انه جاءة جبريل قال: يا يوسف من نجاك من اخوتك؟ قال: الله. قال: من انقذك من الجب؟ قال: الله. قال: من حررك بعد ان صرت عبدا؟ قال: الله. قال: من عصمك من النساء؟ قال: الله. قال: فعلام تطلب النجاة من غيره؟

وقد يصبح ذلك الامر زيادة فكرم الله عليه و اصطفاءة له، فلم يجعل قضاء حاجتة على يد عبد و لا اسباب يرتبط بعبد.

المشهد الثاني:

فى ذلك المشهد تبدا نقطة التحول.. التحول من محن الشدة الى محن الرخاء.. من محنة العبودية و الرق لمحنة السلطة و الملك.

فى قصر الحكم.. و فمجلس الملك: يحكى الملك لحاشيتة رؤياة طالبا منهم تفسيرا لها. (وقال الملك انني اري سبع بقرات سمان ياكلهن سبع عجاف و سبع سنبلات خضر و احدث يابسات يا ايها الملا افتونى فرؤياى ان كنتم للرؤيا تعبرون) لكن المستشارين و الكهنة لم يقوموا بالتفسير. قد لانهم لم يعرفوا تفسيرها، او انهم احسوا انها رؤيا سوء فخشوا ان يفسروها للملك، و ارادوا ان ياتى التفسير من خارج الحاشية -التى تعودت على قول جميع ما يسر الملك فقط. و عللوا عدم التفسير بان قالوا للملك انها اجزاء من احلام مختلطة ببعضها البعض، ليست رؤيا كاملة ممكن تاويلها.

المشهد الثالث:

وصل الخبر الى الساقي -الذى نجا من السجن.. تداعت افكارة و ذكرة حلم الملك بحلمة الذي راة فالسجن، و ذكرة السجن بتاويل يوسف لحلمه. و اسرع الى الملك و حدثة عن يوسف. قال له: ان يوسف هو الوحيد الذي يستطيع تفسير رؤياك.

وارسل الملك ساقية الى السجن ليسال يوسف. و يبين لنا الحق سبحانة كيف نقل الساقي رؤيا الملك ليوسف بتعبيرات الملك نفسها، لانة هنا بصدد تفسير حلم، و هو يريد ان يصبح التفسير مطابقا تماما لما رءاة الملك. و كان الساقي يسمى يوسف بالصديق، اي الصادق العديد الصدق.. و ذلك ما جربة من شانة من قبل.

جاء الوقت و احتاج الملك الى راى يوسف.. (والله غالب على امرة و لكن اكثر الناس لا يعلمون). سئل يوسف عن تفسير حلم الملك.. فلم يشترط خروجة من السجن مقابل تفسيره. لم يساوم و لم يتردد و لم يقل شيئا غير تفسير الرؤيا.. كذا ببراءة النبى حين يلجا الية الناس فيغيثهم.. و ان كان هؤلاء انفسهم سجانية و جلاديه.

لم يقم يسوف -عليه السلام- بالتفسير المباشر المجرد للرؤيا. و انما قدم مع التفسير النصح و كيفية مواجهة المصاعب التي ستمر فيها مصر. افهم يوسف رسول الملك ان مصر ستمر عليها سبع سنوات مخصبة تجود بها الارض بالغلات. و على المصريين الا يسرفوا فهذه السنوات السبع. لان و راءها سبع سنوات مجدبة ستاكل ما يخزنة المصريون، و اروع خزن للغلال ان تترك فسنابلها كى لا تفسد او يصيبها السوس او يؤثر عليها الجو.

بهذا انتهي حلم الملك.. و زاد يوسف تاويلة لحلم الملك بالحديث عن عام لم يحلم فيه الملك، عام من الرخاء. عام يغاث به الناس بالزرع و الماء، و تنمو كرومهم فيعصرون خمرا، و ينمو سمسمهم و زيتونهم فيعصرون زيتا. كان ذلك العام الذي لا يقابلة رمز فحلم الملك. علما خاصا اوتية يوسف. فبشر فيه الساقي ليبشر فيه الملك و الناس.

المشهد الرابع:

عاد الساقي الى الملك. اخبرة بما قال يوسف، دهش الملك دهشة شديدة . ما ذلك السجين..؟ انه يتنبا لهم بما سيقع، و يوجههم لعلاجه.. دون ان ينتظر اجرا او جزاء. او يشترط خروجا او مكافاة . فاصدر الملك امرة باخراج يوسف من السجن و احضارة فورا اليه. ذهب رسول الملك الى السجن. و لا نعرف ان كان هو الساقي الذي جاءة اول مرة . ام انه شخصية رفيعة مكلفة بهذه الشؤون. ذهب الية فسجنه. رجا منه ان يظهر للقاء الملك.. فهو يطلبة على عجل. رفض يوسف ان يظهر من السجن الا اذا ثبتت براءته. لقد رباة ربة و ادبه. و لقد سكبت هذي التربية و ذلك الادب فقلبة السكينة و الثقة و الطمانينة . و يخرج اثر التربية و اضحا فالفارق بين الموقفين: الموقف الذي يقول يوسف به للفتى: اذكرنى عند ربك، و الموقف الذي يقول فيه: ارجع الى ربك فاسالة ما بال النسوة الاتى قطعن ايدهن، الفارق بين الموقفين كبير.

المشهد الخامس:

تجاوز السياق القرانى عما حدث بين الملك و رسوله، و ردة فعل الملك. ليقف بنا امام المحاكة . و سؤال الملك لنساء الطبقة العليا عما فعلنة مع يوسف. يبدوا ان الملك سال عن القصة ليصبح على بينة من الظروف قبل ان يبدا التحقيق، لذا جاء سؤالة دقيقا للنساء. فاعترف النساء بالحقيقة التي يصعب انكارها (قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء).

وهنا تتقدم المراة المحبة ليوسف، التي يئست منه، و لكنها لا تستطيع ان تخلص من تعلقها به.. تتقدم لتقول جميع شيء بصراحة . يصور السياق القرانى لنا اعتراف امراة العزيز، بالفاظ موحية ، تشى بما و راءها من انفعالات و مشاعر عميقة (انا راودتة عن نفسة و انه لمن الصادقين) شهادة كاملة باثمها هي، و براءتة و نظافتة و صدقة هو. شهادة لا يدفع اليها خوف او خشية او اي اعتبار اخر.. يشى السياق القرانى بحافز اعمق من ذلك كله. حرصها على ان يحترمها الرجل الذي اهان كبرياءها الانثوية ، و لم يعبا بفتنتها الجسدية . و محاولة يائسة لتصحيح صورتها فذهنه. لا تريدة ان يستمر على تعالية و احتقارة لها كخاطئة . تريد ان تصحح فكرتة عنها: (ذلك ليعلم انني لم اخنة بالغيب). لست بهذا السوء الذي يتصورة فيني. بعدها تمضى فهذه المحاولة و العودة الى الفضيلة التي يحبها يوسف و يقدرها (وان الله لا يهدى كيد الخائنين). و تمضى خطوة ثانية =فهذه المشاعر الطيبة (وما ابرىء نفسي ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربى ان ربى غفور رحيم).

ان تامل الايات يوحى بان امراة العزيز ربما تحولت الى دين يوسف. تحولت الى التوحيد. ان سجن يوسف كان نقلة هائلة فحياتها. امنت بربه و اعتنقت ديانته.

ويصدر الامر الملكي بالافراج عنه و احضاره.

يهمل السياق القرانى بعد هذا قصة امراة العزيز تماما، يسقطها من المشاهد، فلا نعرف ماذا كان من امرها بعد شهادتها الجريئة التي اعلنت بها ضمنا ايمانها بدين يوسف.

وقد لعبت الاساطير دورها فقصة المراة .. قيل: ان زوجها ما ت و تزوجت من يوسف، فاكتشف انها عذراء، و اعترفت له ان زوجها كان شيخا لا يقرب النساء.. و قيل: ان بصرها ضاع بسبب استمرارها فالبكاء على يوسف، خرجت من قصرها و تاهت فطرقات المدينة ، فلما صار يوسف كبيرا للوزراء، و مضي موكبة يوما هتفت فيه امراة ضريرة تتكفف الناس: سبحان من جعل الملوك عبيدا بالمعصية ، و جعل العبيد ملوكا بالطاعة .

سال يوسف: صوت من هذا؟ قيل له: امراة العزيز. انحدر حالها بعد عز. و استدعاها يوسف و سالها: هل تجدين فنفسك من حبك لى شيئا؟

قالت: نظرة الى و جهك احب الى من الدنيا يا يوسف.. ناولنى نهاية سوطك. فناولها. فوضعتة على صدرها، فوجد السوط يهتز فيدة اضطرابا و ارتعاشا من خفقان قلبها.

وقيلت اساطير اخرى، يبدو بها اثر المخيلة الشعبية و هي تنسج قمة الدراما بانهيار العاشقة الى الحضيض.. غير ان السياق القرانى تجاوز تماما نهاية المراة .

اغفلها من سياق القصة ، بعد ان شهدت ليوسف.. و ذلك يخدم الغرض الدينى فالقصة ، فالقصة اساسا قصة يوسف و ليست قصة المراة .. و ذلك كذلك يخدم الغرض الفني.. لقد ظهرت المراة بعدها اختفت فالوقت المناسب.. اختفت فقمة ما ساتها.. و شاب اختفاءها غموض فنى معجز.. و لربما بقيت فالذاكرة باختفائها ذلك زمنا اطول مما كانت تقضية لو عرفنا بقية قصتها.

ويبدا فصل جديد من فصول حياة يوسف عليه السلام:

بعد ما راي الملك من امر يوسف. براءته، و علمه، و عدم تهافتة على الملك. عرف انه امام رجل كريم، فلم يطلبة ليشكرة او يثنى عليه، و انما طلبة ليصبح مستشاره. و عندما جلس معه و كلمه، تحقق له صدق ما توسمة فيه. فطمئنة على انه ذو مكانة و فامان عنده. فماذا قال يوسف؟

لم يغرق الملك شكرا، و لم يقل له: عشت يا مولاى و انا عبدك الخاضع او خادمك الامين، كما يفعل المتملقون للطواغيت؛ كلا انما طالب بما يعتقد انه قادر على ان ينهض فيه من الاعباء فالازمة القادمة .

كما و اورد القرطبي فتفسيره. ان الملك قال فيما قاله: لو جمعت اهل مصر ما اطاقوا ذلك الامر.. و لم يصبحوا به امناء.

كان الملك يقصد الطبقة الحاكمة و ما حولها من طبقات.. ان العثور على الامانة فالطبقة المترفة شديد الصعوبة .

اعتراف الملك ليوسف بهذه الحقيقة زاد من عزمة على تولى ذلك الامر، لانقاذ مصر و ما حولها من البلاد من هذي المجاعة .. قال يوسف: (اجعلنى على خزائن الارض انني حفيظ عليم). لم يكن يوسف فكلمتة يقصد النفع او الاستفادة . على العكس من ذلك. كان يحتمل امانة اطعام شعوب جائعة مدة سبع سنوات.. شعوب ممكن ان تمزق حكامها لو جاعت.. كان المقال فحقيقتة تضحية من يوسف.

لا يثبت السياق القرانى ان الملك و افق.. فكانما يقول القران الكريم ان الطلب تضمن الموافقة .. زيادة فتكريم يوسف، و اظهار مكانتة عند الملك.. يكفى ان يقول ليجاب.. بل ليصبح قوله هو الجواب، و من بعدها يحذف رد الملك.. و يفهمنا شريط الصور المعروضة ان يوسف ربما صار فالمكان الذي اقترحه.

وهكذا مكن الله ليوسف فالارض.. صار مسؤولا عن خزائن مصر و اقتصادها.. صار كبيرا للوزراء.. و جاء فرواية ان الملك قال ليوسف: يا يوسف ليس لى من الحكم الا الكرسي.. و لا ينبئنا السياق القرانى كيف تصرف يوسف فمصر.. نعرف انه حكيم عليم.. نعرف انه امين و صادق.. لا خوف اذا على اقتصاد مصر.

المشهد الثاني من ذلك الفصل:

دارت عجلة الزمن.. طوي السياق دورتها، و مر مرورا سريعا على سنوات الرخاء، و جاءت سنوات المجاعة .. و هنا يغفل السياق القرانى بعد هذا ذكر الملك و الوزراء فالسورة كلها.. كان الامر كله ربما صار ليوسف. الذي اضطلع بالعبء فالازمة الخانقة الرهيبة . و ابرز يوسف و حدة على مسرح الحوادث, و سلط عليه جميع الاضواء.

اما فعل الجدب و المجاعة فقد ابرزة السياق فمشهد اخوة يوسف, يجيئون من البدو من ارض كنعان البعيدة يبحثون عن الاكل فمصر. و من هذا ندرك اتساع دائرة المجاعة , كما كيف صارت مصر – بتدبير يوسف – محط انظار جيرانها و مخزن الاكل فالمنطقة كلها.

لقد اجتاح الجدب و المجاعة ارض كنعان و ما حولها. فاتجة اخوة يوسف – فيمن يتجهون – الى مصر. و ربما تسامع الناس بما بها من فائض الغلة منذ السنوات السمان. فدخلوا على عزيز مصر, و هم لا يعلمون ان اخاهم هو العزيز. انه يعرفهم فهم لم يتغيروا عديدا. اما يوسف فان خيالهم لا يتصور قط انه العزيز! و اين الغلام العبرانى الصغير الذي القوة فالجب منذ عشرين عاما او تزيد من عزيز مصر شبة المتوج فسنة و زية و حرسة و مهابتة و خدمة و حشمة و هيلة و هيلمانه

ولم يكشف لهم يوسف عن نفسه. فلا بد من دروس يتلقونها: (فدخلوا عليه فعرفهم و هم له منكرون ). و لكنا ندرك من السياق انه انزلهم منزلا طيبا, بعدها اخذ فاعداد الدرس الاول: ( و لما جهزهم بجهازهم قال ائتونى باخ لكم من ابيكم). فنفهم من ذلك انه تركهم يانسون اليه, و استدرجهم حتي ذكروا له من هم على و جة التفصيل, و ان لهم اخا صغيرا من ابيهم لم يحضر معهم لان اباة يحبه و لا يطيق فراقه. فلما جهزهم باشياء الرحلة قال لهم: انه يريد ان يري اخاهم هذا. (قال ائتونى باخ لكم من ابيكم). و ربما رايتم اننى اوفى الكيل للمشترين. فساوفيكم نصيبكم حين يجيء معكم; و رايتم اننى اكرم النزلاء فلا خوف عليه بل سيلقي منى الاكرام المعهود: (الا ترون انني اوفى الكيل و انا خير البيتين ).

ولما كانوا يعلمون كيف يضن ابوهم باخيهم الاصغر – و بخاصة بعد ذهاب يوسف – فقد اظهروا ان الامر ليس ميسورا, و انما فكيفية عقبات من ممانعة ابيهم, و انهم سيحاولون اقناعه, مع توكيد عزمهم – على الرغم من هذي العقبات – على احضارة معهم حين يعودون: (قالوا سنراود عنه اباة و انا لفاعلون). و لفظ (نراود) يصور الجهد الذي يعلمون انهم باذلوه.

اما يوسف فقد امر غلمانة ان يدسوا البضاعة التي حضر فيها اخوتة ليستبدلوا فيها القمح و العلف. و ربما تكون خليطا من نقد و من غلات صحراوية ثانية =من غلات الشجر الصحراوي, و من الجلود و سواها مما كان يستعمل فالتبادل فالاسواق. امر غلمانة بدسها فرحالهم – و الرحل متاع المسافر – لعلهم يعرفون حين يرجعون انها بضاعتهم التي جاءوا بها.

المشهد الثالث:

ندع يوسف فمصر . لنشهد يعقوب و بنية فارض كنعان. رجع الاخوة الى ابيهم.. و قبل ان ينزلوا احمال الجمال و يفكوا متاعهم، دخلوا على ابيهم. قائلين له بعتاب: ان لم ترسل معنا اخانا الصغير فالمرة القادمة فلن يعطينا عزيز مصر الطعام. و ختموا كلامهم بوعد جديد ليعقوب عليه السلام (وانا له لحافظون).

ويبدوا ان ذلك الوعد ربما اثار كوامن يعقوب. فهو ذاتة و عدهم له فيوسف! فاذا هو يجهز بما اثارة الوعد من شجونه:

قال هل امنكم عليه الا كما امنتكم على اخية من قبل فالله خير حافظا و هو ارحم الراحمين (64) (يوسف)

وفتح الابناء اوعيتهم ليخرجوا ما بها من غلال.. فاذا هم يجدون بها بضاعتهم التي ذهبوا يشترون بها.. مردودة اليهم مع الغلال و الطعام.. و رد الثمن يشير الى عدم الرغبة فالبيع، او هو انذار بذلك.. و قد كان احراجا لهم ليعودوا لسداد الثمن مرة اخرى.

واسرع الابناء الى ابيهم (قالوا يا ابانا ما نبغي) ..لم نكذب عليك.. لقد رد الينا الثمن الذي ذهبنا نشترى به. ذلك معناة انهم لن يبيعوا لنا الا اذا ذهب اخونا معنا.

واستمر حوارهم مع الاب.. افهموة ان حبة لابنة و التصاقة فيه يفسدان مصالحهم، و يؤثران على اقتصادهم، و هم يريدون ان يتزودوا اكثر، و سوف يحفظون اخاهم اشد الحفظ و اعظمه.. و انتهي الحوار باستسلام الاب لهم.. بشرط ان يعاهدوة على العودة بابنه، الا اذا خرج الامر من ايديهم و احيط بهم.. نصحهم الاب الا يدخلوا -وهم احد عشر رجلا- من باب واحد من ابواب بمصر.. كى لا يستلفتوا انتباة احد.. و قد خشى عليهم ابوهم شيئا كالسرقة او الحسد.. لا يقول لنا السياق القرانى ماذا كان الاب يخشى، و لو كان الكشف عن الاسباب =مهما لقيل.

المشهد الرابع:

عاد اخوة يوسف الاحد عشر هذي المرة .

ولما دخلوا على يوسف اوي الية اخاة قال انني انا اخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون (69) (يوسف)

يقفز السياق قفزا الى مشهد يوسف و هو يحتضن اخاة و يكشف له و حدة سر قرابته، و لا ريب ان ذلك لم يحدث فور دخول الاخوة على يوسف، و الا لانكشفت لهم قرابة يوسف، انما و قع ذلك فخفاء و تلطف، فلم يشعر اخوته، غير ان السياق المعجز يقفز الى اول خاطر ساور يوسف عند دخولهم عليه و رؤيتة لاخيه.. و كذا يجعلة القران اول عمل، لانة اول خاطر، و هذي من دقيقة التعبير فهذا الكتاب العظيم.

يطوى السياق ايضا فترة الضيافة ، و ما دار بها بين يوسف و اخوته، و يعرض مشهد الرحيل الاخير.. ها هو ذا يوسف يدبر شيئا لاخوته.. يريد ان يحتفظ باخية الصغير معه.

يعلم ان احتفاظة باخية سيثير احزان ابيه، و قد حركت الاحزان الحديثة احزانة القديمة ، و قد ذكرة ذلك الحادث بفقد يوسف.. يعلم يوسف ذلك كله.. و ها هو ذا يري اخاه.. و ليس هنالك دافع قاهر لاحتفاظة به، لماذا يفعل ما فعل و يحتفظ باخية هكذا!؟

يكشف السياق عن السر فذلك.. ان يوسف يتصرف بوحى من الله.. يريد الله تعالى ان يصل بابتلائة ليعقوب الى الذروة .. حتي اذا جاوز فيه منطقة الالم البشرى المحتمل و غير المحتمل، و راة صابرا رد عليه ابنية معا، و رد الية بصره.

امر يوسف -عليه السلام- رجالة ان يخفوا كوب الملك الذهبية فمتاع اخية خلسة .. و كانت الكاس تستعمل كمكيال للغلال.. و كانت لها قيمتها كمعيار فالوزن الى جوار قيمتها كذهب خالص. اخفي الكاس فمتاع اخيه.. و تهيا اخوة يوسف للرحيل، و معهم اخوهم.. بعدها اغلقت ابواب العاصمة .. (ثم اذن مؤذن ايتها العير انكم لسارقون)..!!

كانت صرخة الجند تعني و قوف القوافل جميعا.. و انطلق الاتهام فوق رؤوس الجميع كقضاء خفى غامض.. اقبل الناس، و اقبل معهم اخوة يوسف..( ماذا تفقدون)؟

هكذا تسائل اخوة يوسف.. قال الجنود: (نفقد صواع الملك).. ضاعت كاسة الذهبية .. و لمن يجيء فيها مكافاة .. سنعطية حمل بعير من الغلال.

قال اخوة يوسف ببراءة : لم نات لنفسد فالارض و نسرق! قال الحراس (وكان يوسف ربما و جههم لما يقولونه): اي جزاء تحبون توقيعة على السارق؟

قال اخوة يوسف: فشريعتنا نعتبر من سرق عبدا لمن سرقه.

قال الحارس: سنطبق عليكم قانونكم الخاص.. لن نطبق عليكم القانون المصري الذي يقضى بسجن السارق.

كانت هذي الاجابة كيدا و تدبيرا من الله تعالى، الهم يوسف ان يحدث فيها ضباطه.. و لولا ذلك التدبير الالهى لامتنع على يوسف ان ياخذ اخاه.. فقد كان دين الملك او قانونة لا يقضى باسترقاق من سرق. و بدا التفتيش.

كان ذلك الحوار على منظر و مسمع من يوسف، فامر جنودة بالبدء بتفتيش رحال اخوتة اولا قبل تفتيش رحل اخية الصغير. كى لا يثير شبهة فنتيجة التفتيش.

اطمان اخوة يوسف الى براءتهم من السرقة و تنفسوا الصعداء، فلم يبقي الا اخوهم الصغير. و تم استخراج الكاس من رحله. فامر يوسف باخذ اخية عبدا، قانونهم الذي طبقة القضاء على الحادث.

اعقب هذا مشهد عنيف المشاعر.. ان احساس الاخوة براحة الانقاذ و النجاة من التهمة ، جعلهم يستديرون باللوم على شقيق يوسف (قالوا ان يسرق فقد سرق اخ له من قبل) انهم يتنصلون من تهمة السرقة .. و يلقونها على ذلك الفرع من ابناء يعقوب.

سمع يوسف باذنية اتهامهم له، و احس بحزن عميق.. كتم يوسف احزانة فنفسة و لم يخرج مشاعره.. قال بينة و بين نفسه(انتم شر مكانا و الله اعلم بما تصفون). لم يكن ذلك سبابا لهم، بقدر ما كان تقريرا حكيما لقاعدة من قواعد الامانة . اراد ان يقول بينة و بين نفسه: انكم بهذا القذف شر مكانا عند الله من المقذوف، لانكم تقذفون بريئين بتهمة السرقة .. و الله اعلم بحقيقة ما تقولون.

سقط الصمت بعد تعليق الاخوة الاخير.. بعدها انمحي احساسهم بالنجاة ، و تذكروا يعقوب.. لقد اخذ عليهم عهدا غليظا، الا يفرطوا فابنه. و بدءوا استرحام يوسف: يوسف ايها العزيز.. يوسف ايها الملك.. ان له ابا شيخا كبيرا فخذ احدنا مكانة انا نراك من المحسنين

قال يوسف بهدوء: كيف تريدون ان نترك من و جدنا كوب الملك عنده.. و ناخذ بدلا منه انسانا اخر..؟ ذلك ظلم.. و نحن لا نظلم.

كانت هي الكلمة الاخيرة فالموقف. و عرفوا ان لا جدوى بعدين من الرجاء، فانسحبوا يفكرون فموقفهم المحرج امام ابيهم حين يرجعون.

المشهد الخامس:

عقدوا مجلسا يتشاورون فيه. لكن السياق القرانى لا يذكر اقوالهم جميعا. انما يثبت اخرها الذي يكشف عما انتهوا اليه. ذكر القران قول كبيرهم اذ ذكرهم بالموثق الماخوذ عليهم، كما ذكرهم بتفريطهم فيوسف من قبل. بعدها يبين قرارة الجازم: الا يبرح مصر، و الا يواجة اباه، الا ان ياذن ابوه، او يقضى الله له بحكم، فيخض له و ينصاع. و طلب منهم ان يرجعوا الى ابيهم فيخبروة صراحة بان ابنة سرق، فاخذ بما سرق. هذا ما علموة شهدوا به. اما ان كان بريئا، و كا هنالك امر و راء ذلك الظاهر لا يعلمونه، فهم غير موكلين بالغيب. و ان كان فشك من قولهم فليسال اهل القرية التي كانوا بها -اى اهل مصر- و ليسال القافلة التي كانوا فيها، فهم لم يصبحوا و حدهم، فالقوافل العديدة كانت ترد مصر لتاخذ الطعام.

المشهد السادس:

فعل الابناء ما امرهم فيه اخوهم الكبير، و حكوا ليعقوب -عليه السلام- ما حدث. استمع يعقوب اليهم و قال بحزن صابر، و عين دامعة : (بل سولت لكم انفسكم امرا فصبر رائع عسي الله ان ياتينى بهم جميعا انه هو العليم الحكيم).

(بل سولت لكم انفسكم امرا فصبر جميل) كلمتة ذاتها يوم فقد يوسف.. لكنة فهذه المرة يضيف اليها الامل ان يرد الله عليه يوسف و اخاة فيرد ابنة الاخر المتخلف هناك.

هذا الشعاع من اين جاء الى قلب ذلك الرجل الشيخ؟ انه الرجاء فالله، و الاتصال الوثيق به، و الشعور بوجودة و رحمته. و هو مؤمن بان الله يعلم حاله، و يعلم ما و راء هذي الاحداث و الامتحانات. و ياتى بكل امر فو قتة المناسب، عندما تتحق حكمتة فترتيب الاسباب و النتائج.

(وتولي عنهم و قال يا اسفي على يوسف و ابيضت عيناة من الحزن فهو كظيم) و هي صورة مؤثرة للوالد المفجوع. يحس انه منفرد بهمه، وحيد بمصابه، لا تشاركة هذي القلوب التي حولة و لا تجاوبه، فينفرد فمعزل، يندب فجيعتة فو لدة الحبيب يوسف. الذي لم ينسه، و لم تهون من مصيبتة السنون، و الذي تذكرة فيه نكبتة الحديثة فاخية الاصغر فتغلبة على صبرة الجميل. اسلمة البكاء الطويل الى فقد بصره.. او ما يشبة فقد بصره. فصارت امام عينية غشاوة بسبب البكاء لا ممكن ان يري بسببها. و الكظيم هو الحزين الذي لا يخرج حزنه. و لم يكن يعقوب -عليه السلام- يبكى امام احد.. كان بكاؤة شكوي الى الله لا يعلمها الا الله.

ثم لاحظ ابناؤة انه لم يعد يبصر و رجحوا انه يبكى على يوسف، و هاجموة فمشاعرة الانسانية كاب.. حذروة بانه سيهلك نفسه:

قالوا تالله تفتا تذكر يوسف حتي تكون حرضا او تكون من الهالكين (85) قال انما اشكو بثى و حزنى الى الله و اعلم من الله ما لا تعلمون (86) (يوسف)

ردهم جواب يعقوب الى حقيقة بكائه.. انه يشكو همة الى الله.. و يعلم من الله ما لا يعلمون.. فليتركوة فبكائة و ليصرفوا همهم لشيء اجدي عليهم (يا بنى اذهبوا فتحسسوا من يوسف و اخية و لا تياسوا من روح الله انه لا يياس من روح الله الا القوم الكافرون) انه يكشف لهم فعمق احزانة عن املة فروح الله.. انه يشعر بان يوسف لم يمت كما انبئوه.. لم يزل حيا، فليذهب الاخوة بحثا عنه.. و ليكن دليلهم فالبحث، ذلك الامل العميق فالله.

المشهد السابع:

تحركت القافلة فطريقها الى مصر.. اخوة يوسف فطريقهم الى العزيز.. تدهور حالهم الاقتصادى و حالهم النفسي.. ان فقرهم و حزن ابيهم و محاصرة المتاعب لهم، ربما هدت قواهم تماما.. ها هم اولاء يدخلون على يوسف.. معهم بضاعة رديئة .. جاءوا بثمن لا يتيح لهم شراء شيء ذى بال.. و عندما دخلوا على يوسف – عليه السلام- رجوة ان يتصدق عليهم (فلما دخلوا عليه قالوا يا ايها العزيز مسنا و اهلنا الضر و جئنا ببضاعة مزجاة فاوف لنا الكيل و تصدق علينا ان الله يجزى المتصدقين) انتهي الامر بهم الى التسول.. انهم يسالونة ان يتصدق عليهم.. و يستميلون قلبه، بتذكيرة ان الله يجزى المتصدقين.

عندئذ.. و سط هوانهم و انحدار حالهم.. حدثهم يوسف بلغتهم، بغير و اسطة و لا مترجم:

قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف و اخية اذ انتم جاهلون (89) قالوا اانك لانت يوسف قال انا يوسف و ذلك اخي ربما من الله علينا انه من يتق و يصبر فان الله لا يضيع اجر المحسنين (90) قالوا تالله لقد اثرك الله علينا و ان كنا لخاطئين (91) (يوسف)

يكاد الحوار يتحرك بادق تعبير عن مشاعرهم الداخلية .. فاجاهم عزيز مصر بسؤالهم عما فعلوة بيوسف.. كان يتحدث بلغتهم فادركوا انه يوسف.. و راح الحوار يمضى فيكشف لهم خطيئتهم معه.. لقد كادوا له و الله غالب على امره

مرت السنوات، و ذهب كيدهم له.. و نفذ تدبير الله المحكم الذي يقع باعجب الاسباب.. كان القاؤة فالبئر هو بداية صعودة الى السلطة و الحكم.. و كان ابعادهم له عن ابية سببا فزيادة حب يعقوب له. و ها هو ذا يملك رقابهم و حياتهم، و هم يقفون فموقف استجداء عطفه.. انهم يختمون حوارهم معه بقولهم (قالوا تالله لقد اثرك الله علينا و ان كنا لخاطئين) ان روح العبارات و اعترافهم بالخطا يشيان بخوف مبهم غامض يجتاح نفوسهم.. و لعلهم فكروا فانتقامة منهم و ارتعدت فرائصهم.. و لعل يوسف احس هذا منهم فطمانهم بقوله (قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم و هو ارحم الراحمين) لا مؤاخذة ، و لا لوم، انتهي الامر من نفسي و ذابت جذوره.. لم يقل لهم اننى اسامحكم او اغفر لكم، انما دعا الله ان يغفر لهم، و ذلك يتضمن انه عفا عنهم و تجاوز عفوه، و مضي بعد هذا خطوات.. دعا الله ان يغفر لهم.. و هو نبى و دعوتة مستجابة .. و هذا تسامح نراة اية الايات فالتسامح.

ها هو ذا يوسف ينهى حوارة معهم بنقلة مفاجئة لابيه.. يعلم ان اباة ربما ابيضت عيناة من الحزن عليه.. يعلم انه لم يعد يبصر.. لم يدر الحوار حول ابية لكنة يعلم.. يحس قلبه.. خلع يوسف قميصة و اعطاة لهم (اذهبوا بقميصى ذلك فالقوة على و جة ابي يات بصيرا و اتونى باهلكم اجمعين). و عادت القافلة الى فلسطين.

المشهد الثامن:

ما انت خرجت القافلة من مصر، حتي قال يعقوب -عليه السلام- لمن حولة ففلسطين: انني اشم رائحة يوسف، لولا انكم تقولون فانفسكم اننى شيخ خرف لصدقتم ما اقول. فرد عليه من حولة ().

لكن المفاجاة البعيدة تقع. و صلت القافلة ، و القي البشير قميض يوسف على و جة يعقوب -عليهما السلام- فارتد بصره. هنا يذكر يعقوب حقيقة ما يعلمة من ربة (قال الم اقل لكم انني اعلم من الله ما لا تعلمون).

فاععترف الاخوة بخطئهم، و طلبوا من اباهم الاستغفار لهم، فهو نبى و دعاءة مستجاب. الا ان يعقوب عليه السلام (قال سوف استغفر لكم ربى انه هو الغفور الرحيم) و نلمح هنا ان فقلب يعقوب شيئا من بنيه، و انه لم يصف لهم بعد، و ان كان يعدهم باستغفار الله لهم بعد ان يصفو و يسكن و يستريح.

ها هو المشهد الاخير فقصة يوسف:

بدات قصتة برؤيا.. و ها هو ذا الختام، تاويل رؤياه:

فلما دخلوا على يوسف اوي الية ابوية و قال ادخلوا مصر ان شاء الله امنين (99) و رفع ابوية على العرش و خروا له سجدا و قال يا ابت ذلك تاويل رؤياى من قبل ربما جعلها ربى حقا و ربما اقوى بى اذ اخرجنى من السجن و جاء بكم من البدو من بعد ان نزغ الشيطان بينى و بين اخوتى ان ربى لطيف لما يشاء انه هو العليم الحكيم (100) (يوسف)

تامل الان مشاعرة و رؤياة تتحقق.. انه يدعو ربة (رب ربما اتيتنى من الملك و علمتنى من تاويل الاحاديث فاطر السماوات و الارض انت و ليى فالدنيا و الاخرة توفنى مسلما و الحقنى بالصالحين).. هي دعوة واحدة .. توفنى مسلما

منقولframe

  • قصة سيدنا يوسف كاملة
  • قصة يوسف عليه السلام كاملة
  • قصة سيدنا يوسف كاملة بالتفصيل
  • قصة سيدنا يوسف كاملة مكتوبة
  • قصة سيدنا يوسف عليه السلام بالتفصيل
  • قصة يوسف عليه السلام بالتفصيل
  • قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة
  • قصة يوسف كاملة
  • قصه سيدنا يوسف كامله
  • سيدنا يوسف


قصة سيدنا يوسف عليه السلام بالتفصيل كاملة