من طرائف اشعب الطماع جديدة لاتفوتكم
من ملح اشعب
قيل لاشعب الطماع: لقد لقيت التابعين وكثيرا من الصحابة، فهل رويت مع علو سنك حديثا
عن النبي صلى الله عليه وسلم؟
فقال: نعم، حدثني عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
خلتان لا تجتمعان في مؤمن. قيل: وما هما؟ قال: نسيت واحدة، ونسي عكرمة الاخرى.
وقيل له: كم كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة
عشر رطلا.
وهذا كما قيل لطفيلي: كم اثنين في اثنين؟ قال: اربعة ارغفة.
وسالته صديقة له خاتما وقالت له: اذكرك به. قال: اذكري انك سالتني فمنعتك.
وساوم بقوس بندق، فقال صاحبها: بدينار، فقال: والله لو كنت اذا رميت بها طائرا وقع
مشويا بين رغيفين ما اشتريتها بدينار.
واهدى رجل من ولد عامر بن لؤي الى اسماعيل الاعرج فالوذجة واشعب حاضر فقال: كل
يا اشعب، فاكل منها، فقال له: كيف تراها؟
قال: الطلاق يلزمه ان لم تكن عملت قبل ان يوحي ربك الى النحل، اي ليس
فيها حلاوة.
وباشعب هذا يضرب المثل في الطمع. قال الشاعر:
اني لاعجب من مطالك اعجب … من طول تردادي اليك وتكذب
وتقول لي تاتي وتحلف كاذبا … فاجيء من طمع اليك واذهب
فاذا اجتمعت انا وانت بمجلس … قالوا مسيلمة وهذا اشعب
وقيل له: ارايت اطمع منك؟ قال: نعم كلبة ال ابي فلان، رات شخصا يمضغ علكا،
فتبعته فرسخا تظن انه يرمي لها بشيء من الخبز.
ومر اشعب برجل يعمل طبقا من الخيزران؛ فقال له: اريد ان تزيد فيه طوقا او
طوقين. قال: فما فائدتك؟
قال: لعل احدا من اشراف المدينة يهدي لنا فيه شيئا.
وكان اشعب يعشق امراة بالمدينة ويتحدث فيها حتى عرف بها، فقال لها جاراتها: لو سالته
شيئا؟ فاتاها يوما فقالت: ان جاراتي يقلن ما يصلك بشيء. فخرج عنها ولم يقربها شهرين.
ثم اتاها فاخرجت له قدحا فيه ماء، فقالت له: اشرب هذا للفزع!
فقال: بل انت اشربيه للطمع، ومضى فلم يعد اليها.
واشعب هذا: هو اشعب بن جبير مولى عبد الله بن الزبير، وكان احلى الناس مفاكهة.
واسلمته عائشة الى من يعلمه البز؛ فسالته بعد سنة اين بلغت؟ قال: نصف العمل وبقي
نصفه، قالت له: كيف؟ قال: تعلمت النشر وبقي الطي.
وكان اشعب اطيب الناس غناء، واكثرهم ملحا، ونسك في اخر عمره ومات على ذلك رحمه
الله تعالى.
وكان يوم قتل عثمان غلاما يسقي الماء وبقي الى خلافة المهدي.
وخرج سالم بن عبد الله متنزها الى ناحية من نواحي المدينة ومعه اهله وحرمه، فبلغ
اشعب الخبر، فوافاهم يريد التطفيل؛ فصادف الباب مغلقا، فتسور الحائط عليهم. فقال له سالم: ويلك
يا اشعب! معي بناتي وحرمي! فقال له اشعب: لقد علمت ما لنا في بناتك من
حق، وانك لتعلم ما نريد. فضحك منه وامر له بطعام اكله وحمل منه الى منزله.
وكان يقول: ما احسست قط بجار لي يطبخ قدرا الا غسلت الغضار، وكسرت الخبز، وانتظرته
يحمل الي قدره.
وقال له بعض اصحابه: لو صرت الي العشية نتحدث؟ فقال: اخاف ان يجيء ثقيل، قال:
ليس معنا ثالث فمضى معه. قال: فلما صلينا الظهر ودعونا بالطعام اذا بشخص يدق الباب،
فقال اشعب: ترى انا قد صرنا الى ما نكره؟
قال فقلت له: انه صديق وفيه عشر خصال ان كرهت واحدة منهن لم اذن له.
قال: هات. قلت: الاولى انه لا ياكل ولا يشرب، قال: التسع لك، ائذن له.
وهذا نظير حديث الغاضري وقد اتى الحسن بن زيد وهو امير المدينة. فقال: جعلت فداك!
اني عصيت الله ورسوله، قال: بئس ما صنعت! وكيف ذاك؟ قال: لان الله عز وجل
يقول ” وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ” وقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: لا يفلح قوم ولوا امرهم امراة.
وانا اطعت امراتي فاشتريت غلاما فابق،
فقال الحسن: اختر واحدة من ثلاث؛ ان شئت ثمن الغلام، فقال: بابي انت! قف عند
هذه فلا تجاوزها.
قال: اعرض عليك الخصلتين؟ قال: لا، حسبي هذه.
وغاضبت مصعب بن الزبير زوجه عائشة بنت طلحة، فاشتد ذلك عليه وشكا امره الى خاصته.
فقال له اشعب: فما لي اذا هي كلمتك؟
قال: عشرة الاف درهم؛ فاتى اليها فقال: يابنة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم،
تفضلي بكلام الامير؛ فقد استشفع بي عندك، واجزل لي العطية ان انت كلمته. قالت: لا
سبيل الى ذلك يا اشعب؛ وانتهرته. فقال: جعلت فداك! كلميه حتى اقبض عشرة الاف درهم،
ثم ارجعي الى ما عودك الله من سوء الخلق، فضحكت فقامت فصالحته.
عبد الملك بن مروان وعمر بن بلال
والشيء يذكر بالشيء، اي بما قاربه.
كان عبد الملك بن مروان محبا لعاتكة بنت يزيد بن معاوية؛ فغاضبته يوما، وسدت الباب
الذي بينها وبينه؛ فساءه ذلك وتعاضله، وشكا الى من يانس به من خاصته، فقال له
عمر بن بلال الاسدي: ان انا ارضيتها لك حتى ترى فما الثواب؟
قال: حكمك. فاتى الى بابها، وقد مزق ثوبه وسوده؛ فاستاذن عليها وقال: اعلموها ان الامر
الذي جئت فيه عظيم. فاذنت له؛ فلما دخل رمى بنفسه وبكى.
فقالت: ما لك يا عم؟ قال: لي ولدان هما من الاحسان الي في الغاية، وقد
عدا احدهما على اخيه فقتله، وفجعني به؛ فاحتسبته وقلت: يبقى لي ولد اتسلى به؛ فاخذه
امير المؤمنين وقال: لا بد من القود، والا فالناس يجترئون على القتل، وهو قاتله الا
ان يغيثني الله بك! ففتحت الباب ودخلت على عبد الملك واكبت على البساط تقبله وتقول:
يا امير المؤمنين؛ قد تعلم فضل عمر بن بلال، وقد عزمت على قتل ابنه؛ فشفعني
فيه؟
فقال عبد الملك: ما كنت بالذي افعل؛ فاخذت في التضرع والخضوع حتى وعدها العفو عنه
وصلح ما بينهما؛ فوفى لعمر بما وعده به.
- قصص اشعب الاكول
- أشعب الطماع
- قصص اشعب الطماع قصيره