حكاية الحمال مع البناتسلسلة الف ليلة وليلةقصص وحكاياالف ليلة6

حكايه الحمال مع البناتسلسله الف ليله و ليلةقصص و حكاياالف ليلة6

حكايه الحمال مع البنات.سلسله الف ليله و ليلة.قصص و حكايا.الف ليله و ليلة,6

حكايه الحمال مع البنات

فانة كان انسان من مدينه بغداد و كان حمالا. فبينما هو فالسوق يوما منا لايام متكئا علي قفصة اذ و قفت علية امراه ملتفه بازار موصلى من حرير مزركش بالذهب و حاشيتاة من قصب فرفعت قناعها فبان من تحتة عيون سوجاء باهداب و اجفان و هى ناعمه الاطراف كامله الاوصاف، و بعد هذا قالت بحلاوه لفظها: هات قفصك و اتبعني. فحمل الحمال القفص و تبعها الي ان و قفت علي باب دار فطرقت الباب فنزل له رجل نصراني، فاعطتة دينارا و اخذت منة مقدارا من الزيتون و ضعتة فالقفص و قالت له: احملة و اتبعني، فقال الحمال: ذلك و الله نهار مبارك.


بعدها حمل القفص و تبعها فوقفت عند دكان فاكهانى و اشترت منة تفاحا شاميا و سفرجلا عثمانيا و خوخا عمانيا و ياسمينا حلبيا و بنو فرادة شقيا و خيارا نيليا و ليمونا مصريا و تمر حنا و شقائق النعمان و بنفسجا و وضعت الجميع فقفص الحمال و قالت له: احمل، فحمل و تبعها حتي و قفت علي جزار و قالت له: اقطع عشره ارطال لحمه فقطع لها، و لفت اللحم فو رق موز و وضعتة فالقفص و قالت له: احمل يا حمال فحمل و تبعها، بعدها و قفت علي النقلى و اخذت من سائر النقل و قالت للحمال: احمل و اتبعنى فحمل القفص و تبعها الي ان و قفت علي دكان الحلوانى و اشترت طبقا و ملاتة كل ما عندة من مشبك و قطايف و ميمونه و امشاط و اصابع و لقيمات القاضى و وضعت كل نوعيات الحلاوه فالطبق و وضعتة فالقفص. فقال الحمال: لو اعلمتنى لجئت معى ببغل تحمل علية هذة الاشياء، فتبسمت.


بعدها و قفت علي العطار و اشترت منة عشره مياة ماء و رد و ماء زهر و خلافة و اخذت قدرا من السكر و اخذت ماء و رد ممسك و حصي لبان ذكر و عودا عنبر و مسكا و اخذت شمعا اسكندرانيا و وضعت الجميع فالقفص و قالت للحمال: احمل قفصك و اتبعني، فحمل القفص و تبعها الي ان اتت دارا مليحه و قدامها رحبه فسيحه و هى عاليه البنيان مشيده الاركان بابها صنع من الابنوس مصفح بصفائح الذهب الاحمر، فوقفت البنوته علي الباب و دقت دقا لطيفا و اذا بالباب انفتح بشقتيه. فنظر الحمال الي من فتح لها الباب فوجدها بنوته رشيقه القد قاعده النهد ذات حسن و جمال و ربما و اعتدال و جبين كثغره الهلال و عيون كعيون الغزلان و حواجب كهلال رمضان و خدود كشقائق النعمان و فم كخاتم سليمان و وجة كالبدر فالاشراق و نهدين كرمانتين و بطن مطوى تحت الثياب كطى السجل للكتاب.


فلما نظر الحمال اليها سلبت عقلة و كاد القفص ان يقع من فوق راسه، بعدها قال: ما رايت عمرى ابرك من ذلك النهار، فقالت البنوته البوابه للدلاله و الحمال مرحبا و هى من داخل الباب و مشوا حتي انتهوا الي قاعه فسيحه مزركشه مليحه ذات تراكيب و شاذر و اثاث و مصاطب و سدلات و خزائن عليها الستور مرخيات، و فو سط القاعه سرير من المرمر مرصع بالدر و الجوهر منصوب علية ناموسيه منا لاطلس الاحمر و من داخلة بنوته بعيون بابليه و قامه الفيه و وجة يخجل الشمس المضيئة، فكانها بعض الكواكب الدريه او عقيله عربيه كما قال بها الشاعر:


من قاس قدك بالغصن الرطيب فقد اضحي القياس بة زورا و بهتانا


الغصن اقوى ما تلقاة مكتسبا و انت اقوى ما تلقاة عريانا


فنهضت البنوته الثالثه من فوق السرير و خطرت قليلا الي ان صارت فو سط القاعه عند اختيها و قالت: ما و قوفهم، حطوا عن راس ذلك الحمال المسكين، فجاءت الدلاله من قدامة و البوابه من خلفه، و ساعدتهما الثالثه و حططن عن الحمال و افرغن ما فالقفص و صفوا جميع شيء فمحلة و اعطين الحمال دينارين و قلن له: توجة يا حمال، فنظر الي البنات و ما هن فية من الحسن و الطبائع الحسان فلم ير اقوى منهن و لكن ليس عندهن رجال.


و نظر ما عندهن من الشراب و الفواكة و المشمومات و غير هذا فتعجب غايه العجب و وقف عن الخروج، فقالت له الصبية: ما بالك لا تروح؟ هل انت استقللت الاجرة، و التفتت الي اختها و قالت لها: اعطية دينارا احدث فقال الحمال: و الله يا سيداتى ان اجرتى نصفان، و ما استقللت الاجره و انما اشتغل قلبى و سرى بكن و كيف حالكن و انتن و حدكن و ما عندكن رجال و لا احد يؤانسكن و انتن تعرفن ان المناره لا تثبت الا علي اربعه و ليس لكن رابع، و ما يكمل حظ النساء الا بالرجال كما قال الشاعر:


انظر الي اربع عندى ربما اجتمعت جنك و عود و قانون و مزمار


انتن ثلاثه فتفتقرن الي رابع يصبح رجلا عاقلا لبيبا حاذقا و للاسرار كاتما فقلن له: نحن فتيات و نخاف ان نودع السر عند من لا يحفظه، و ربما قرانا فالاخبار شعرا:


صن عن سواك السر لا تودعنة من اودع السر فقد ضيعه


فلما سمع الحمال كلامهن قال: و حياتكن انى رجل عاقل امين قرات الكتب و طالعت التواريخ، اظهر الرائع و اخفى القبيح و اعمل بقول الشاعر:


لا يكتم السر الا جميع ذى ثقه و السر عند خيار الناس مكتوم


السر عندى فبيت له غلق ضاعت الفاتحه و الباب مختوم


فلما سمعت البنات الشعر و النظام و ما ابداة من الكلام قلن له: انت تعلم اننا غرمنا علي ذلك المقام جمله من المال فهل معك شيء تجازينا به، فنحن لا ندعك تجلس عندنا حتي تغرم مبلغنا من المال لان خاطرك ان تجلس عندنا و تصير نديمنا و تطلع علي و جوهنا الصباح الملاح. فقالت صاحبه الدار: و اذا كانت بغير المال محبه فلا تساوى و زن حبة، و قالت البوابه ان يكن معك شيء رح بلا شيء فقالت الدلاله يا اختى نكف عنة فوالله ما قصر اليوم معنا و لو كان غيرة ما طول روحة علينا و مهما جاء علية اغرمة عنه.


ففرح الحمال و قال و الله ما استفتحت بالدراهم الا منكن، فقلن له اجلس علي الراس و العين و قامت الدلاله و شدت و سطها و صبت القنانى و روقت المدام و عملت الخضره علي جانب البحر و احضرت ما يحتاجون الية بعدها قدمت و جلست هى و اختها و جلس الحمال بينهن و هو يظن انه فالمنام. و لم يزل الحمال معهن فعناق و تقبيل و هذة تكلمة و هذة تجذبة و هذة بالمشموم تضربة و هو معهن حتي لعبت الخمره بعقولهم.


فلما تحكم الشراب معهم قامت البوابه و تجردت من ثيابها و صارت عريانه بعدها رمت نفسها فتلك البحيره و لعبت فالماء و اخذت الماء ففمها و بخت الحمال بعدها غسلت اعضاءها .


فقامت الثانيه و خلعت ثيابها و رمت نفسها فتلك البحيره و عملت كالاولي و طلعت و رمت نفسها فحجر الحمال.


بعدها قامت الثالثه و خلعت ثيابها و نزلت تلك البحيره و فعلت كمن قبلها بعدها لبست ثيابها و القت نفسها فحجر الحمال.


بعدها بعد ساعه قام الحمال و نزع ثيابة و نزل البحيره و اخذ يسبح فالماء و غسل كما غسلن. بعدها طلع و رمي نفسة فحجر سيدتهن و رمي ذراعية فحجر البوابه و رمي رجلية فحجر الدلالة. و ادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


فالليله العاشرة: قالت لها اختها دنيازاد: يا اختى اتمى لنا حديثك قالت حبا و كرامة: ربما بلغنى ايها الملك السعيد انهن لم يزلن يقلن زبك، ايرك و هو يقبل و يعانق و هن يتضاحكن الي ان قلن له و ما اسمة قال: اسمة البغل الجسور الذي رعي حبق الجسور و يلعق السمسم المقشور و يبيت فخان ابى منصور فضحكن حتي استلقين علي ظهورهن بعدها عادوا الي منادمتهم و لم يزالوا ايضا الي ان اقبل الليل عليهم فقلن للحمال توجة و ارنا عرض اكتافك.


فقال الحمال و الله خروج الروح اهون من الخروج من عندكن، دعونا نصل الليل بالنهار و جميع منا يروح فحال سبيلة فقالت الدلاله بحياتى عندكن تدعنة ينام عندنا نضحك علية فانة خليع ظريف فقلن له: تبيت عندنا بشرط ان تدخل تحت الحكم و مهما رايتة لا تسال عنة و لا عن سببه، فقالت نعم، فقلن قم و اقرا ما علي الباب مكتوبا، فقام الي الباب فوجد مكتوبا علية بماء الذهب: لا تتكلم فيما لا يعنيك تسمع ما لا يرضيك.


فقال الحمال اشهدوا انى لا اتكلم فيما لا يعنيني، بعدها قامت الدلاله و جهزت لهم ما كولا بعدها اوقدوا الشمع و العود و قعدوا فاكل و شرب و اذا هم سمعوا دق الباب فلم يختل نظامهم فقامت و احده منهن الي الباب بعدها عادت و قالت كمل صفاؤنا فهذة الليله لانى و جدت بالباب ثلاثه اعجام ذقونهم محلوقه و هم عور بالعين الشمال و ذلك من اعجب الاتفاق، و هم ناس غرباء ربما حضروا من ارض الروم و لكل و احد منهم شكل و صوره مضحكة، فان دخلوا نضحك عليهم. و لم تزل تتلطف بصاحبتيها حتي قالتا لها دعيهم يدخلون و اشترطى عليهم ان لا يتكلموا فما لا يعنيهم فيسمعوا ما لا يرضيهم. ففرحت و زاحت بعدها عادت و معها الثلاثه العور ذقونهم محلوقه و شواربهم مبرومه ممشوقه و هم صعاليك فسلموا فقام لهم البنات و اقعدوهم فنظر الرجال الثلاثه الي الحمال فوجدوة سكران فلما عاينوة ظنوا انه منهم و قالوا: هو صعلوك مثلنا يؤانسنا.


فلما سمع الحمال ذلك الكلام قام و قلب عينية و قال لهم: اقعدوا بلا فضول اما قراتم ما علي الباب فضحك البنات و قلن لبعضهن اننا نضحك علي الصعاليك و الحمال، بعدها و ضعن الطعام للصعاليك فاكلوا بعدها جلسوا يتنادمون و البوابه تسقيهم. و لما دار الكاس بينهم قال الحمال للصعاليك يا اخواننا هل معكم حكايه او نادره تسلوننا فيها فديت فيهم الحراره و طلبوا الات اللهو فاحضرت لهم البوابه فلموصليا و عودا عراقيا و جنكا عجميا فقام الصعاليك و اقفين و اخذ و احد منهم الدف، و اخذ و احد العود، و اخذ و احد الجنك و ضربوا فيها و غنت البنات و صار لهم صوت عال. فبينما هم ايضا و اذا بطارق يطرق الباب، فقامت البوابه لتنظر من بالباب و كان الاسباب =فدق الباب ان فتلك الليله نزل هارون الرشيد لينظر و يسمع ما يتجدد من الاخبار هو و جعفر و زيرة و سياف نقمته، و كان من عادتة ان يتنكر فصفه التجار، فلما نزل تلك الليله و مشي فالمدينه جاءت طريقهم علي تلك الدار فسمعوا الات الملاهى فقال الخليفه جعفر هؤلاء قوم ربما دخل السكر فيهم و نخشي ان يصيبنا منهم شر، فقال لا بد من دخولنا و اريد ان نتحيل حتي ندخل عليهم فقال جعفر: سمعا و طاعة.


بعدها تقدم جعفر و طرق الباب فخرجت البوابه و فتحت الباب، فقال لها: يا سيدتى نحن تجار من طبريه و لنا فبغداد عشره ايام و معنا تجاره و نحن نازلون فخان التجار و عزم علينا تاجر فهذة الليله فدخلنا عندة و قدم لنا طعاما فاكلنا بعدها تنادمنا عندة ساعة، بعدها اذن لنا بالانصراف فخرجنا بالليل و نحن غرباء فتهنا عن الخان الذي نحن فية فنرجو من مكارمكم ان تدخلونا هذة الليله نبيت عندكم و لكم الثواب فنظرت البوابه اليهم فوجدتهم بهيئه التجار و عليهم الوقار فدخلت لصاحبتيها و شاورتهما فقالتا لها ادخليهم.


فرجعت و فتحت لهم الباب فقالوا ندخل باذنك، قالت ادخلوا فدخل الخليفه و جعفر و مسرور فلما اتتهم البنات قمن لهم و خدمنهم و قلن مرحبا و اهلا و سهلا بضيوفنا، و لنا عليكم شرط ان لا تتكلموا فيما لا يعنيكم فتسمعوا ما لا يرضيكم قالوا نعم. و بعد هذا جلسوا للشراب و المنادمه فنظر الخليفه الي الصعاليك الثلاثه فوجدهم عور العين الشمال فتعجب منهم و نظر الي البنات و ما هم فية من الحسن و الجمال فتحير و تعجب، و استمر فالمنادمه و الحديث و اتين الخليفه بشراب فقال انا حاج و انعزل عنهم.


فقامت البوابه و قدمت له سفره مزركشه و وضعت عليها بمطيه من الصينى و سكبت بها ماء الخلاف و ارخت فية قطعه من الثلج و مزجتة بسكر فشكرها الخليفه و قال فنفسة لا بد ان اجازيها فغد علي فعلها من صنيع الخير، بعدها اشتغلوا بمنادمتهم، فلما تحكم الشراب قامت صاحبه المنزل و خدمتهم، بعدها اخذت بيد الدلاله و قالت: يا اختى قومى بمقتضي ديننا فقالت لها نعم، فعند هذا قامت البوابه و اطلعت الصعاليك خلف الابواب قدامهن و هذا بعد ان اخلت و سط القاعه و نادين الحمال و قلن له: ما اقل مودتك ما انت غريب بل انت من اهل الدار.

فقام الحمال و شد اوسطة و قال: ما تردن فلن تقف مكانك، بعدها قامت الدلاله و قالت للحمال ساعدني، فراي كلبتين من الكلاب السود فرقبتيهما جنازير فاخذهما الحمال و دخل بهما الي و سط القاعه فقامت صاحبه البيت و شمرت عن معصميها و اخذت سوطا و قالت للحمال قوم كلبه منهما فجرها فالجنزير و قدمها و الكلبه تبكى و تحرك راسها الي البنوته فنزلت عليها البنوته بالضرب علي راسها و الكلبه تصرخ و ما زالت تضربها حتي كلت سواعدها فرمت السوط من يدها بعدها ضمت الكلبه الي صدرها و مسحت دموعها و قبلت راسها بعدها قالت للحمال ردها و هات الاتية، فجاء فيها و فعلت فيها كما فعلت بالاولى.


فعند هذا اشتعل قلب الخليفه و ضاق صدرة و غمز جعفر ان يسالها، فقال له بالاشاره اسكت، بعدها التفتت صاحبه المنزل للبوابه و قالت لها: قومى لقضاء ما عليك قالت نعم. بعدها ان صاحبه المنزل صعدت علي سرير من المرمر مصفح بالذهب و الفضه و قالت البوابه و الدلاله ائتيا بما عندكما، فاما البوابه فانها صعدت علي سرير بجانبها و اما الدلاله فانها دخلت مخدعا و اخرجت منة كيسا من الاطلس باهداب خضر و وقفت قدام البنوته صاحبه البيت و نفضت الكيس و اخرجت منة عودا و اصلحت اوتارة و انشدت هذة الابيات:


ردوا علي جفنى النوم الذي سلبا و خبرونى بعقلى ايه ذهبا


علمت لما رضيت الحب منزله ان المنام علي جفنى ربما غصبا


قالوا عهدناك من اهل الرشاد فما اغواك قلت اطلبوا من لحظه السببا


انى له عن دمى المسفوك معتذر اقول حملتة فسفكة تعبا


القي بمراه فكرى شمس صورتة فعكسها شب فاحشائى اللهبا


من صاغة الله من ماء الحياة و ربما اجري بقيتة فثغرة شنبا


ما ذا تري فمحب ما ذكرت له الا شكي او بكي او حن او اطربا


يري خيالك فالماء الذلال اذا رام الشراب فيروي و هو ما شربا


انشدت ايضا:


سكرت من لحظة لا من مدامتة و ما ل بالنوم عن عينى تمايله


فما السلاف سلتنى بل سوالفة و ما الشمل شلتنى بل شمائله


فلما سمعت البنوته ذلك، قالت طيبك الله، بعدها شقت ثيابها و وقعت علي الارض مغشيا عليها، فلما نكشف جسدها راي الخليفه اثر ضرب المقارع و السياط فتعجب من هذا غايه العجب فقامت البوابه و رشت الماء علي و جهها و اتت اليها بحله و البستها اياها، فقال الخليفه لجعفر اما تنظر الي هذة المراه و ما عليها من اثر الضرب، فانا لا اقدر ان اسكت علي ذلك و ما استريح الا ان و قفت علي حقيقه خبر هذة البنوته و حقيقه خبر هاتين الكلبتين، فقال جعفر: يا مولانا ربما شرطوا علينا شرطا و هو ان لا نتكلم فيما لا يعنينا فنسمع ما لا يرضينا، بعدها قامت الدلاله فاخذت العود و اسندتة الي نهدها، و غمزتة باناملها و انشدت تقول:


ان شكونا الهوي فماذا تقول او تلفنا شوقا فماذا السبيل


او بعثنا رسلا نترجم عنا ما يؤدى شكوي المحب رسول


او صبرنا فما لنا من بقاء بعد فقد الاحباب الا قليل


ليس الا تاسفا بعدها حزنا و دموعا علي الخدود تسيل


ايها الغائبون عن لمح عينى و عم فالفؤاد منى حلول


هل حفظتم لدي الهوي عهد صب ليس عنة مدي الزمان يحول


ام نسيتم علي التباعد صبا شفة فبكم الضني و النحول


و اذا الحشر ضمنا اتمني من لدن و بنا حسابا يطول


فلما سمعت المراه الثانية. شعر الدلاله شقت ثيابها. كما فعلت الاولى. و صرخت بعدها القت نفسها علي الارض مغشيا عليها، فقامت الدلاله و البستها حله ثانيه بعد ان رشت الماء علي و جهها بعدها قامت المراه الثالثه و جلست علي سرير و قالت للدلاله غنى لى لا فدينى فما بقى غير ذلك الصوت فاصلحت الدلاله العود و انشدت هذة الابيات:


فالي متي ذلك الصدود و ذا الجفا فلقد جوي من ادمعى ما ربما كفى


كم ربما اطلت الهجر لى معتمدا ان كان قصدك حاسدى فقد اشتفى


لو انصف الدهر الخؤون لعاشق ما كان يوم العواذل منصفا


فلمن ابوح بصبوتى يا قاتلى يا خيبه الشاكى اذا فقد الوفا


و يزيد و جدى فهواك تلهفا فمتي و عدت و لا رايتك مخلفا


يا مسلمون خذوا بنار متيم الف الشهاده لدية طرف ما غفا


ايحل فشرع الغرام تذللى و يصبح غيرى بالوصال مشرفا


و لقد كلفت بحبكم متلذذا و غدا عذولى فالهوي متكلفا


فلما سمعت المراه الثالثه قصيدتها صرخت و شقت ثيابها و القت نفسها علي الارض مغشيا عليها فلما انكشف جسدها ظهر فية ضرب المقارع، كمن قبلها فقال الصعاليك ليتنا ما دخلنا هذة الدار و كنا بتنا علي الكيمان، فقد تكدر مبيتنا هنا بشيء يقطع الصلب فالتفت الخليفه اليهم و قال لهم لم هذا قالوا ربما اشتغل سرنا بهذا الامر فقال الخليفه اما انتم من ذلك المنزل، قالوا لا و لا ظننا ذلك الموضع الا للرجل الذي عندكم. فقال الحمال و الله ما رايت ذلك الموضع الا هذة الليله و ليتنى بت علي الكيمان و لم ابت فيه. فقال الجميع نحن سبعه رجال و هن ثلاث نسوه و ليس لهن رابعه فنسالهن عن حالهن فان لم يجبننا طوعا اجبننا كرها و اتفق الجميع علي ذلك، فقال جعفر ما ذلك راى سديد دعوهن فنحن ضيوف عندهن و ربما شرطن علينا، شرطا فنوفى بة و لم يبق من الليل الا القليل و جميع منا يمضى الي حال سبيله، بعدها انه غمز الخليفه و قال ما بقى غير ساعة، و فغد تحضرهن بين يديك، فتسالهن عن قصتهن فابي الخليفه و قال لم يبق لى صبر عن خبرهن و ربما كثر بينهن القيل و القال، بعدها قالوا و من يسالهن فقال بعضهم الحمال بعدها قال لهم النساء يا جماعه فاى شيء تتكلمون.


فقال الحمال لصاحبه المنزل و قال لها يا سيدتى سالتك بالله و اقسم عليك بة ان تخبرينا عن حال الكلبتين، و اي اسباب تعاقبيهما بعدها تعودين تبكين، و تقبليهما و ان تخبرينا عن اسباب ضرب اختك بالمقارع و ذلك سؤالنا و السلام فقالت صاحبه المكان للجماعه ما يقولة عنكم فقال الجميع نعم، الا جعفر فانة سكت.


فلما سمعت البنوته كلامهم قالت و الله لقد اذيتمونا يا ضيوفنا، الاذيه البالغة، و تقدم لنا اننا شرطنا عليكم ان من تكلم فيما لا يعنيه، سمع ما لا يرضية اما كفا اننا ادخلناكم منزلنا و اطعمناكم زادنا و لكن لا ذنب لكم و انما الذنب لمن اوصلكم الينا بعدها شمرت عن معصمها و ضربت الارض ثلاث ضربات و قالت عجلوا.


و اذا بباب خزانه ربما فتح و خرج منها سبعه عبيد بايديهم سيوف مسلوله و قالت كتفوا هؤلاء الذين كثر كلامهم و اربطوا بعضهم ببعض ففعلوا و قالوا ايتها المخدره ائذنى لنا فضرب رقابهم، فقالت امهلوهم ساعه حتي اسالهم عن حالهم قبل ضرب رقابهم، فقال الحمال بالله يا سيدتى لا تقتلينى بذنب الغير فان الجميع اخطاوا، و دخلوا فالذنب، الا انا و الله لقد كانت ليلتنا طيبه لو سلمنا من هؤلاء الصعاليك الذين لو دخلوا مدينه عامره لاخربوها، بعدها انشد يقول:


ما اقوى الغفران من قادر لا سيما عن غير ذى ناصر


بحرمه الود الذي بيننا لا تقتلى الاول بالاخر


فلما فرغ الحمال من كلامة ضحكت الصبية، و ادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


الليله الحاديه عشرة: قالت: بلغنى ايها الملك السعيد ان البنوته لما ضحكت بعد غيظها، اقبلت علي الجماعه و قالت اخبرونى بخبركم فما بقى من عمركم الا ساعه و لولا انتم اعزاء فقال الخليفه و يلك يا جعفر عرفها بنا و الا تقتلنا فقال جعفر من بعض ما نستحق، فقال له الخليفه لا ينبغى الهزل فو قت الجد جميع منهم له و قت بعدها ان البنوته اقبلت علي الصعاليك، و قالت لهم هل انتم اخوه فقالوا لا و الله ما نحن الا فقراء الحجام.


فقالت لواحد منهم هل انت و لدت اعور فقال لا و الله و انما جري لى امر غريب حيت تلفت عينى و لهذا الامر حكايه لو كتبت بالابر علي اماق البصر لكانت عبره لمن اعتبر، فسالت الثاني و الثالث فقالا لها كالاول بعدها قالوا ان جميع منا من بلد و ان حديثنا عجيب و امرنا غريب، فالتفتت البنوته لهم، و قالت جميع و احد منكم يحكى حكايتة و ما اسباب مجيئة الي مكاننا بعدها يملس علي راسة و يروح الي حال سبيلة فاول من تقدم الحمال، فقال يا سيدتى انا رجل حمال حملتنى هذة الدلاله و اتت بى الي هنا و جري لى معكم ما جري و ذلك حديثى و السلام، فقالت له ملس علي راسك و روح فقال و الله ما اروح حتي اسمع حديث رفقائي.


فتقدم الصعلوك الاول و قال لها يا سيدتي، ان اسباب حلق ذقنى و تلف عينى ان و الدى كان ملكا و له اخ و كان اخوة ملكا علي مدينه اخري و اتفق ان امى و لدتنى فاليوم الذي و لد فية ابن عمي، بعدها مضت سنون و اعوام، و ايام حتي كبرنا و كنت ازور عمى فبعض السنين و اقعد عندة اشهر عديده فزرتة مره فاكرمنى غايه الاكرام و ذبح لى الاغنام و روق لى المدام و جلسنا للشراب فلما تحكم الشراب فينا قال ابن عمي: يا ابن عمى ان لى عندك حاجه مهمه فاستوثق منى بالايمان العظام و نهض من و قتة و ساعتة و غاب قليلا، بعدها عاد و خلفة امراه مزينه مطيبه و عليها من الحلل ما يساوى مبلغا عظيما. فالتفت الى و المراه خلفه، و قال خذ هذة المراه و اسبقنى علي الجبانه الفلانيه و وصفها لى فعرفتها و قال ادخل فيها التربه و انتظرنى هنالك فلم يمكنى المخالفه و لم اقدر علي رد سؤالة لاجل الذي خلفتة فاخذت المراه و سرت الي ان دخلت التربه انا و اياها فلما استقر بنا الجلوس جاء ابن عمى و معة طاسه بها ماء و كيس فية جبس و قدوم بعدها انه اخذ القدوم و جاء الي قبر فو سط التربه ففكة و نقض احجارة الي ناحيه التربة، بعدها حفر بالقدوم فالارض، حتي كشف عن طابق قدر الباب الصغير فبان من تحت الطابق سلم معقود.


لم التفت الي المراه بالاشاره و قال لها دونك و ما تختارين بة فنزلت المراه علي هذا السلم، بعدها التفت الى و قال يا ابن عمى تمم المعروف اذا نزلت انا فذلك الموضع فرد الطابق و رد علية التراب كما كان و ذلك تمام المعروف و ذلك الجبس الذي فالكيس و ذلك الماء الذي فالطاسه اعجن منة الجبس و جبس القبر فدائر الاحجار كما كان اول حتي لا يعرفة احد و لا يقول ذلك فتح جديد و تطيينة عتق لان لى سنه كاملة، و انا اعمل فيه، و ما يعلم بة الا الله و هذة حاجتى عندك، بعدها قال لى لا اوحش الله منك، يا ابن عمي، بعدها نزل علي السلم.

فلما غاب عنى قمت و رددت الطابق و فعلت ما امرنى بة حتي صار القبر كما كان بعدها رجعت الي قصر عمي، و كان عمى فالصيد و القنص فنمت تلك الليله فلما اصبح الصباح تذكرت الليله الماضيه و ما جري بها بينى و بين ابن عمى و ندمت علي ما فعلت معة حيث لا ينفع الندم، و ادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


فالليله الثانيه عشرة: قالت: بلغنى ايها الملك السعيد ان الصعلوك قال للبنوته بعدها خرجت الي المقابر و فتشت علي التربه فلم اعرفها و لم ازل افتش حتي اقبل الليل و لم اهتد اليها فرجعت الي القصر لم طعام و لم اشرب و ربما اشتغل خاطرى بابن عمى من حيث لا اعلم له حالا فاغتممت غما شديدا و بت ليلتى مغموما، الي الصباح فجئت ثانيا الي الجبانه و انا اتفكر فيما فعلة ابن عمي، و ندمت علي سماعى منة و ربما فتشت فالترب جميعا فلم اعرف تلك التربة، و لا رمت التفتيش سبعه ايام فلم اعرف له طريقا.


فزاد بى الوسواس حتي كدت ان اجن فلم اجد فرجا دون ان سافرت، و رجعت غليه، فساعه و صولى الي مدينه ابى نهض الي جماعه من باب المدينه و كتفونى فتعجبت جميع العجب انى ابن سلطان المدينه و هم خدم ابى و غلماني، و لحقنى منهم خوف زائد، فقلت فنفسى يا تري اجري علي و الدى و صرت اسال الذين كنفونى عن اسباب هذا فلم يردوا على جوابا.


بعدها بعد حين قال لى بعضهم و كان خادما عندي، ان اباك ربما غدر بة الزمان و خانتة العساكر و قتلة الوزير و نحن نترقب و قوعك، فاخذونى و انا غائب عن الدنيا بسبب هذة الاخبار التي سمعتها عن ابى فلما تمثلت بين يدى الوزير الذي قتل ابى و كان بينى و بينة عداوه قديمه و اسباب تلك العداوه انى كنت مولعا بضر البندقيه فاتفق انى كنت و اقفا يوما من الايام علي سطح قصر و اذا بطائر نزل علي سطح قصر الوزير و كان و اقفا هناك، فاردت ان اضرب الطير و غذا بالبندقيه اخطات عين الوزير، فاتلفتها بالقضاء و القدر كما قال الشاعر:


دع الاقدار تفعل ما تشاء و طب نفسا بما فعل القضاء


و لا تفرح و لا تحزن بشيء فان الشيء ليس له بقاء


و كما قال الاخر:


مشينا خطا كتبت علينا و من كتب علية خطا مشاها


و من كانت منيتة بارض فليس يموت فارض سواها


بعدها قال هذا الصعلوك: فلما اتلفت عين الوزير لم يقدر ان يتكلم لان و الدى كان ملك المدينه فهذا اسباب العداوه التي بينى و بينة فلما و قفت قدامه، و انا مكتف امر فضرب عنقى فقلت اتقتلنى بغير ذنب فقال اي ذنب اعظم من هذا، و اشار الي عينة المتلفه فقلت له: فعلت هذا خطا، فقال ان كنت فعلتة خطا فانا افعلة بك عمدا بعدها قال قدموة بين يدى فقدمونى بين يديه، فمد اصبعة فعينى الشمال فاتلفها فصرت من هذا الوقت اعور كما تروني، بعدها كتفنى و وضعنى فصندوق و قال للسياف: تسلم ذلك و اشهر حسامك، و خذة و اذهب بة الي خارج المدينه و اقتلة و دعة للوحوش، تاكلة فذهب بى السياف و صار حتي خرج من المدينة، و اخرجنى من الصندوق و انا مكتوف اليدين مقيد الرجلين و اراد ان يغمى عينى و يقتلنى فبكيت و انشدت هذة الابيات:


جعلتكموا درعا حصينا لتمنعوا سهام العدا عنى فكنتم نصالها


و كنت ارجى عند جميع ملمه تخص يمينى ان تكون شمالها


دعوا قصة العذال عنى بمعزل و خلوا العدا ترمى الى نبالها


اذا لم تقوا نفسى مكايده العدا فكونوا سكوتا لا عليها و لا لها


و انشدت كذلك هذة الابيات:


و اخوان اتخذتهم دروعا فكانوها و لكن للاعادي


رحلتهم سهاما صائبات فكانوا و لكن ففؤادي


و قالوا ربما سعينا جميع سعى لقد صدقوا و لكن ففسادي


فلما سمع السياف شعرى و كان سياف ابى و لى علية احسان، قال يا سيدى كيف افعل و انا عبد ما مور بعدها قال لى فر بعمرك و لا تعد الي هذة المدينه فتهلك و تهلكنى معك كما قال الشاعر:


و نفسك فر فيها ان خفت ضيما و خل الدار تنعى من بناها


فانك و احد ارضا بارض و نفسك لم تجد نفسا سواها


عجبت لمن يعيش بدار ذل و ارض الله و اسعه فلاها


و ما غلظت رقاب الاسد حتي بانفسها تولت ما عناها


فلما قال هذا قبلت يدية و ما صدقت حتي فررت و هان على تلف عينى بنجاتى من القتل، و سافرت حتي و صلت الي مدينه عمى فدخلت علية و اعلمتة بما جري لوالدي، و بما جري لى من تلف عينى فبكي بكاء شديدا و قال لقد زدتنى هما علي همى و غما علي غمي، فان ابن عمكقد فقد منذ ايام و لم اعلم بما جري له و لم يخبرنى احد بخبرة و بكي حتي اغمى علية فلما استفاق قال يا و لدى ربما حزنت علي ابن عمك حزنا شديدا و انت زدتنى بما حصل لك و لابنك، غما علي غمي، و لكن يا و لدى بعينك و لا بروحك بعدها انه لم يمكنى السكوت عن ابن عمى الذي هو و لدة فاعلمتة بالذى جري له كلة ففرح عمى بما قلتة له فرحا شديدا عند سماع خبر ابنه، و قال ارنى التربه فقلت و الله يا عمى لم اعرف مكانها لانى رجعت بعد هذا مرات لافتش عليها فلم اعرف مكانها، بعدها ذهبت انا و عمى الي الجبانة، و نظرت يمينا و شمالا فعرفتها ففرحت انا و عمى فرحا شديدا و دخلت انا و اياة التربه و ازحنا التراب و رفعنا الطابق و نزلت انا و عمى مقدار خمسين درجة، فلما و صلنا الي احدث السلم و اذا بدخان طلع علينا فغشى ابصارنا، فقال عمى الكلمه التي لا يخاف قائلها و هى لا حول و لا قوه الا بالله العلى العظيم بعدها مشينا و اذا نحن بقاعه ممتلئه دقيقا و حبوبا و ما كولات و غير هذا و راينا فو سط القاعه ستاره مسبوله علي سرير فنظر عمى الي السرير فوجد ابنة هو و المراه التي ربما نزلت معة صار فحما اسود و هما متعانقان كانهما القيا فجب نار، فلما نظر عمى بصق فو جهة و قال تستحق يا خبيث فهذا عذاب الدنيا و بقى عذاب الاخره و هو اشد و ابقي و ادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


فالليله الثالثه عشرة: قالت: بلغنى ايها الملك السعيد ان الصعلوك قال للبنوته و الجماعه و الخليفه و جعفر يستمعون الكلام، بعدها ان عمى ضرب و لدة بالنعال و هو راقد كالفحم الاسود فتعجبت من ضربة و حزنت علي ابن عمى حيث صار هو و البنوته فحما اسود بعدها قلت بالله يا عمى خفف الهم عن قلبك، فقد اشتغل سرى و خاطرى بما ربما جري لولدك و كيف صار هو و البنوته فحما اسود ما يكفيك ما هو فية حتي تضربة بالنعال.


فقال يا ابن اخى ان و لدى ذلك كان من صغرة مولعا بحب اختة و كنت انهاة عنها و اقول فنفسى انهما صغيران فلما كبر اوقع بينهما القبيح و سمعت بذلك و لم اصدق و لكن زجرتة زجرا بليغا و قلت له احذر من هذة الفعال القبيحه التي لم يفعلها احد قبلك و لا يفعلها احد بعدك و الا نبقي بين الملوك بالعار و النقصان الي الممات و تشيع اخبارنا مع الركبان و اياك ان تصدر منك هذة الفعال فانى اسخط عليك و اقتلك بعدها حجبتة عنها و حجبتها عنة و كانت الخبيثه تحبة محبه عظيمه و ربما تمكن الشيطان منها. فلما رانى حجبتة فعل ذلك المكان الذي تحت الارض الخفية. و نقل فية الماكول كما تراة و استغفلنى لما خرجت الي الصيد و اتي الي ذلك المكان فغار علية و عليها الحق سبحانة و تعالي و احرقهما و لعذاب الاخره اشد و ابقى، بعدها بكي و بكيت معة و قال لى انت و لدى عوضا عنة بعدها انى تفكرت ساعه فالدنيا و حوادثها من قتل الوزير لوالدى و اخذ مكانة و تلف عيني، و ما جري لابن عمى من الحوادث الغريبة.


فبكيت بعدها اننا صعدنا و رددنا الطابق و التراب، و عملنا القبر كما كان، بعدها رجعنا الي منزلنا فلم يستقر بيننا جلوس حتي سمعنا دق طبول و بوقات و رمحت الابطال و امتلات الدنيا بالعجاج و الغبار من حوافر الخيل فحارت عقولنا و لم نعرف الخبر فسال الملك عن الخبر فقيل ان و زير اخيك قتلة و جمع العسكر و الجنود و جاء بعسكرة ليهجموا علي المدينه و اهل المدينه لم يكن لهم طاقه بهم فسلموا الية فقلت فنفسى متي و قعت انا فيدة قتلني.


و تراكمت الاحزان و تذكرت الحوادث التي حدثت لابى و امى و لم اعرف كيف العمل فان ظهرت عرفنى اهل المدينة، و عسكر ابى فيسعون فقتلى و هلاكى فلم اجد شيئا انجو بة الا حلق ذقنى فحلقتها و غيرت ثيابى و خرجت من المدينه و قصدت هذة المدينه و السلام لعل احدا يوصلنى الي امير المؤمنين و خليفه رب العالمين حتي احكى له قصتي، و ما جري لى فوصلت الي هذة المدينه فهذة الليلة، فوقفت حائرا و لم ادر اين امضى و اذا بهذا الصعلوك و اقف.


فسلمت علية و قلت له انا غريب ايضا، فبينما نحن ايضا و اذا برفيقنا ذلك الثالث جاءنا و سلم علينا، و قال انا غريب، فقلنا له و نحن غريبان فمشينا و ربما هجم علينا الظلام فساقنا القدر اليكم، و ذلك اسباب حلق ذقنى و تلف عينى فقالت البنوته ملس علي راسك و روح، فقال لها لا اروح حتي اسمع خبر غيرى فتعجبوا من حديثه.


فقال الخليفه لجعفر و الله انا ما رايت كالذى جري لهذا الصعلوك، بعدها تقدم الصعلوك الثاني و قبل الارض و قال يا سيدتى انا ما و لدت اعور، و انما لى حكايه عجيبه لو كتبت بالابر علي اماق البصر لكانت عبره لمن اعتبر فانا ملك ابن ملك و قرات القران علي سبع روايات و قرات الكتب علي اربابها من مشايخ العلم و قرات علم النجوم و كلام الشعراء و اجتهدت فسائر العلوم حتي فقت اهل زمانى فعظم حظى عند سائر الكتبه و شاع ذكرى فسائر الاقاليم و البلدان و شاع خبرى عند سائر الملوك.


فسمع بى ملك الهند فارسل يطلبنى من ابى و ارسل الية هدايا و تحفا تصلح للملوك فجهزنى ابى فست مراكب و سرنا فالبحر لمدة شهر كامل حتي و صلنا الي البر و اخرجنا حبلا كانت معنا فالمركب و حملنا عشره جمال هدايا و مشينا قليلا و اذا بغبار ربما علا و ثار حتي سد الاقطار و استمر ساعه من النهار بعدها انكشف قبان من تحتة ستون فارسا و هم ليوث و عوانس فتاملناهم و اذا هم عرب قطاع طريق فلما راونا و نحن نفر قليل و معنا عشره اجمال هدايا لملك الهند رمحوا علينا و شرعوا الرماح بين ايديهم نحونا.


فاشرنا اليهم بالاصابع و قلنا لهم: نحن رسل الي ملك الهند المعظم فلا تؤذونا فقالوا نحن لسنا فارضة و لا تحت حكمة بعدها انهم قتلوا بعض الغلمان و هرب الباقون و هربت انا بعد ان جرحت جرحا بليغا و اشتغلت عنا العرب بالمال و الهدايا التي كانت معنا فصرت لا ادرى اين اذهب، و كنت عزيزا فصرت ذليلا و سرت الي ان اتيت راس الجبل فدخلت مغاره حتي طلع النهار بعدها سرت منها حتي و صلت الي مدينه عامره بالخير و ربما و لي عنها الشتاء ببردة و اقبل عليها الربيع بورده.


ففرحت بوصولى اليها و ربما تعبت من المشى و علانى الهم و الاصفرار فتغيرت حالتى و لا ادرى اين اسلك فملت الي خياط فدكان و سلمت علية فرد على السلام و رحب بى و باسطنى عن اسباب غربتى فاخبرتة بما جري لى من اولة الي اخره، فاغتم لاجلى و قال يا فتي لا تخرج ما عندك فانى اخاف عليك من ملك المدينه لانة اكبر اعداء ابيك و له عندة ثار.


بعدها احضر لى ما كولا و مشروبا فاكلت و طعام معى و تحادثت معة فالليل و اخلي لى محلا فجانب حانوتة و اتانى بما احتاج الية من فراش و غطاء، فاقمت عندة ثلاثه ايام، بعدها قال لى اما تعرف صنعه تكسب فيها فقلت له: انى فقية طالب علم كاتب حاسب، فقال: ان صنعتك فبلادنا كاسده و ليس فمدينتنا من يعرف علما و لا كتابه غير المال. فقلت و الله لا ادرى شيئا غير الذي ذكرتة لك، فقال شد و سطك و خذ فاسا و حبلا و احتطب فالبريه حطبا تتقوت بة الي ان يفرج الله عنك و لا تعرف احدا بنفسك فيقتلوك، بعدها اشتري لى فاسا و حبلا و ارسلنى مع بعض الحطابين و اوصاهم علي، فخرجت معهم و احتطبت فاتيت بحمل علي راسى فبعتة بنصف دينار فاكلت ببعضة و ابقيت بعضه، و دمت علي ذلك الحال لمدة سنة.


بعدها بعد السنه ذهبت يوما علي عادتى الي البريه لاحتطب منها و دخلتها، فوجدت بها خميله اشجار بها حطب كثير فدخلت الخميلة، و اتيت شجره و حفرت حولها و ازلت التراب عن جدارها فاصطكت الفاس فحلقه نحاس فنظفت التراب و اذا هى فطابق من خشب فكشفتة فبان تحت سلم فنزلت الي اسفل السلم فرايت بابا فدخلتة فرايت قصرا محكم البنيان فوجدت فية بنوته كالدره السنيه تنفى الي القلب جميع هم و غم و بلية.


فلما نظرت اليها سجدت لخالقها لما ابدع بها من الحسن و الجمال فنظرت غلى و قالت لى انت انسى ام جني، فقلت لها: انسي، فقالت: و من اوصلك الي ذلك المكان الذي لى فية خمسه و عشرون سنة، ما رايت فية انسيا ابدا فلما سمعت كلامها و جدت له عذوبه و قلت لها يا سيدتى اوصلنى الله الي منزلك و لعلة يزيل همى و غمى و حكيت لها ما جري لى من الاول الي الاخر.


فصعب عليها حالى و بكت و قالت انا الاخري اعلمك بقصتى فاعلم انى فتاة ملك اقصي الهند صاحب جزيره الابنوس و كان ربما زوجنى بابن عمى فاختطفنى ليله زفافى عفريت اسمة جرجريس بن رجوس بن ابليس فطار بى الي ذلك المكان و نقل فية جميع ما احتاج الية من الحلي و الحلل و القماش و المتاع و الاكل و الشراب. فكل عشره ايام يجيئنى مره فيبيت هنا ليله و عاهدنى اذا عرضت لى حاجه ليلا او نهارا ان المس بيدى هذين السطرين المكتوبين علي القبه فما ارفع يدى حتي اراة عندى و منذ كان عندى له اليوم اربعه ايام و بقى له سته ايام حتي ياتى فهل لك ان تقيم عندى خمسه ايام، بعدها تنصرف قبل مجيئة بيوم فقلت نعم.


ففرحت بعدها نهضت علي اقدامها و اخذت بيدى و ادخلتنى من باب مقنطر و انتهت بى الي حمام لطيف ظريف فلما رايتة خلعت ثيابى و خلعت ثيابها، و دخلت فجلست علي مرتبه و اجلستنى معها و اتت بسكر ممسك و سقتني، بعدها قدمت لى ما كولا و تحادثنا بعدها قالت لى بعدها و استرح فانك تعبان، فنمت يا سيدتى و ربما نسيت ما جري لي، و شكرتها فلما استيقظت و جدتها تكبس رجلى فدعوت لها و جلسنا نتحادث ساعة، بعدها قالت و الله انى كنت ضيقه الصدر و انا تحت الارض و حدى و لم اجد من يحدثنى خمسه و عشرين سنه فالحمد للة الذي ارسلك الى بعدها انشدت:


لو علمنا مجيئكم لفرشنا مهجه القلب او سواد العيون


و فرشنا خدودنا و التقينا لكون المسير فوق الجفون


فلما سمعت شعرها شكرتها و ربما تمكنت محبتها فقلبي، و ذهب عنى همى و غمي، بعدها جلسنا فمنادمه الي الليل، فبت معها ليله ما رايت مثلها فعمرى و اصبحنا مسرورين فقلت لها هل اطلعك من تحت الارض و اريحك من ذلك الجنى فضحكت و قالت اقنع و اسكت ففى جميع عشره ايام يوم للعفريت و تسعه لك فقلت و ربما غلب على الغرام فانا فهذة اكسر هذة القبه التي عليها النقش المكتوب لعل العفريت يجيء حتي اقتلة فانى موعود بقتل العفاريت فلما سمعت كلامى انشدت:


يا طالبا للفراق مهلا بحيله ربما كفي اشتياق


اصبر فطبع الزمان غدر و احدث الصحبه الفراق


فلما سمعت شعرها لم التفت لكلامها بل رفست القبه رفسا قويا و ادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


و فالليله الرابعه عشرة: قالت: بلغنى ايها الملك السعيد ان الصعلوك الثاني قال للبنوته يا سيدتى لما رفست القبه رفسا قويا، قالت لى المراه ان العفريت ربما و صل الينا اما حذرتك من ذلك و للة لقد اذيتنى و لكن انج بنفسك و اطلع من المكان الذي جئت منة فمن شده خوفى نسيت نعلى و فاسي، فلما طلعت درجتين التفت لانظرهما فرايت الارض ربما انشقت و طلع منها عفريت و منظر شنيع، و قال ما هذة الزعجه التي ارعشتنى فيها فما مصيبتك.


فقالت ما اصابنى شيء غير ان صدرى ضاق، فاردت ان اشرب شرابا يشرح صدرى فنهضت لاقضى اشغالى فوقعت علي القبة، فقال لها العفريت يا فاجره و نظر فالقصر يمينا و شمالا فراي النعل و الفاس فقال لها ما هذة الا متاع الانس من جاء اليك فقالت: ما نظرتهما الا فهذة الساعه و لعلهما تعلقا معك.


فقال العفريت ذلك كلام محال لا ينطلى على يا عاهرة، بعدها انه اعراها، و صلبها بين اربعه اوتاد و جعل يعاقبها و يقررها بما كان فلم يهن على ان اسمع بكاءها فطلعت من السلم مذعورا من الخوف فلما و صلت الي اعلي الموضع رددت الطابق كما كان و سترتة بالتراب و ندمت علي ما فعلت غايه الندم و تذكرت البنوته و حسنها و كيف يعاقبها ذلك الملعون و هى لها معة خمسه و عشرون سنه و ما عاقبها الا بسببى و تذكرت ابى و مملكتة و كيف صرت حطابا، فقلت ذلك المنزل:


اذا ما اتاك الدهر يوما بنكبه فيوم تري يسرا و يوم تري عسرا


بعدها مشيت الي ان اتيت رفيقى الخياط فلقيتة من اجلى علي مقالى النار و هو لى فالانتظار فقال لي: بت البارحه و قلبى عندك و خفت عليك من و حش او غيرة فالحمد للة علي سلامتك فشكرتة علي شفقتة على و دخلت خلوتي، و جعلت اتفكر فيما جري لى و الوم نفسى علي رفسى هذة القبه و اذا بصديقى الخياط دخل على و قال لى فالدكان شخص اعجمى يطلبك و معة فاسك و نعلك ربما جاء بهما الي الخياطين و قال لهم انى خرجت و قت اذان المؤذن، لاجل صلاه الفجر فعثرت بهما و لم اعلم لمن هما فدلونى علي صاحبها، فدلة الخياطون عليك و ها هو قاعد فدكانى فاخرج الية و اشكرة و خذ فاسك و نعلك.


فلما سمعت كذا الكلام اصفر لونى و تغير حالى فبينما انا ايضا و اذا بارض محلى ربما انشقت و طلع منها الاعجمى و اذا هو العفريت و ربما كان عاقب البنوته غايه العقاب فلم تقر له بشيء فاخذ الفاس و النعل و قال لها ان كنت جرجريس من ذريه ابليس فانا اجيء بصاحب ذلك الفاس و النعل بعدها جاء بهذة الحيله الي الخياطين و دخل على و لم يمهلنى بل اختطفنى و طار و علا بى و نزل بى و غاص فالارض و انا لا اعلم بنفسي، بعدها طلع بى القصر الذي كنت فية فرايت البنوته عريانه و الدم يسيل من جوانبها فقطرت عيناى بالدموع.


فاخذها العفريت و قال لها يا عاهره ذلك عشيقك فنظرت الى و قالت له لا اعرفة و لا رايتة الا فهذة الساعة، فقال لها العفريت اهذة العقوبه و لم تقري، فقالت ما رايتة عمرى و ما يحل من الله ان اكذب عليه، فقال لها العفريت ان كنت لا تعرفينه، فخذى ذلك السيف و اضربى عنقة فاخذت السيف و جاءتنى و وقفت علي راسى فاشرت لها بحاجبى فنهضت و غمرتنى و قالت انت الذي فعلت ذلك كلة فاشرت لها ان ذلك و قت العفو و لسان حالى يقول:


يترجم طرفى عن لسانى لتعلموا و يبدو لكم ما كان فصدرى يكتم


و لما التقينا و الدموع سواجم خرست و طرفى بالهوي يتكلم


تشير لنا عما تقول بطرفها و ارمى اليها بالبنان فتفهم


حواجبنا تقضى الحوائج بيننا فنحن سكوت و الهوي يتكلم


فلما فهمت البنوته اشارتى رمت السيف من يدها، فناولنى العفريت السيف و قال لى اضرب عنقها و انا اطلقك و لا انكد عليك، فقلت نعم، و اخذت السيف و تقدمت نشاط و رفعت يدي، فقالت لى بحاجبها انا ما قصرت فحقك فهملت عيناى بالدموع و رميت السيف من يدي، و قلت ايها العفريت الشديد و البطل الصنديد، اذا كانت امراه ناقصه عقل و دين لم تستحل ضرب عنقى فكيف يحل لى ان اضرب عنقها و لم ارها عمري، فلا افعل هذا ابدا و لو سقيت من الموت كوب الردى. فقال العفريت انتما بينكما موده اخذ السيف و ضرب يد البنوته فقطعها، بعدها ضرب الثانيه فقطعها بعدها قطع رجلها اليمني بعدها قطع رجلها اليسري حتي قطع ارباعها باربع ضربات و انا انظر بعينى فايقنت بالموت بعدها اشارت الى بعينيها فراها العفريت فقال لها و ربما زنيت بعينك بعدها ضربها فقطع راسها، و التفت الى و قال يا انسى نحن فشرعنا اذا زنت الزوجه يحل لنا قتلها، و هذة البنوته اختطفتها ليله عرسها، و هى فتاة اثنتى عشره سنه و لم تعرف احدا غيرى و كنت اجيئها فكل عشره ايام ليله و احده فزى رجل اعجمي.

يتبع

,,,,,,,

  • حكاية الحمال مع البنات
  • الحمال مع البنات


حكاية الحمال مع البناتسلسلة الف ليلة وليلةقصص وحكاياالف ليلة6